إذابة أرقام الشاحنات وإخفاء المخدرات.. المحكمة تواصل فك ألغاز ملف "إسكوبار الصحراء"

الكاتب : انس شريد

28 فبراير 2025 - 06:30
الخط :

في واحدة من أكثر القضايا الجنائية إثارة في المغرب، تتواصل جلسات محاكمة المتهمين في ملف "إسكوبار الصحراء"، الذي تحول إلى حديث الساعة نظرًا لخطورة الاتهامات وتشعب العلاقات بين المتورطين.

القضية، التي تتابعها غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، تضم 28 متهمًا، بينهم شخصيات معروفة مثل سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي، وعبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لجهة الشرق، إلى جانب عدد من الأسماء الأخرى التي جعلت هذه المحاكمة تحت الأضواء.

شهدت الجلسة الأخيرة ليوم الجمعة استماع المحكمة إلى المتهم عبد الرحمان. د، الذي كان يشغل منصبًا في إحدى الشركات التابعة لعبد النبي بعيوي

ووُجهت إليه تهم تتعلق بإخفاء أشياء متحصلة من جنحة، إضافة إلى استخدام مركبات دون الحصول على شهادة التسجيل.

وقد تمحورت أسئلة المحكمة حول خمس شاحنات قال المتهم في محاضر الضابطة القضائية إنها أُرسلت من طرف الحاج بن براهيم، المعروف بلقب "إسكوبار الصحراء"، لفائدة بعيوي، وكانت محملة بكميات ضخمة من المخدرات.

المتهم نفى أي علاقة له بهذه الشاحنات أو معرفته بخلفياتها، موضحًا أنه لم يكن على دراية بتفاصيل عمليات النقل التي تمت داخل الشركة.

في المقابل، كشفت التحقيقات عن شهادة الموظفة سناء، التي أكدت خلال استجوابها من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أنها لم تتمكن من العثور على أي سجلات رسمية توثق دخول هذه الشاحنات إلى الشركة أو تفاصيل بيعها.

شهادات أخرى ضمن المحاضر المعروضة على المحكمة، أبرزها شهادة توفيق. ز، التي كشفت أن 11 شاحنة استوردت من الصين، لكنها لم تحصل على شهادة المطابقة اللازمة من السلطات المغربية.

وبناءً على تعليمات مباشرة من "إسكوبار الصحراء"، تم إرسال خمس منها إلى بعيوي، حيث قادها مجموعة من السائقين من الرباط إلى وجهتها النهائية ط.

وأشارت الوثائق إلى أن العملية تمت تحت إشراف مباشر من بعيوي، الذي تكفل شخصيًا بتزويد الشاحنات بالوقود قبل انطلاقها.

في إحدى أبرز اللحظات داخل المحكمة، واجه المستشار علي الطرشي المتهم عبد الرحمان. د بمعلومات عن عمليات تذويب أرقام هياكل الشاحنات باستخدام آلة لحام، مما يجعلها خردة غير قابلة للتتبع.

المتهم أقر بأنه قام بهذه العمليات، لكنه برر ذلك بكونه جزءًا من عمله الروتيني داخل الورش، نافياً علمه بأي خلفيات غير قانونية لهذه الإجراءات.

من جهته، نفى المتهم توفيق. ب، الذي كان يعمل حارسًا في إحدى الضيعات التابعة لبعيوي، أي صلة له بتهريب المخدرات، مؤكدًا أنه كان يرى الشاحنات في المقالع الحجرية لكنها لم تثر شكوكه.

ورغم ذلك، جاءت المحاضر الأمنية لتؤكد أنه تلقى أوامر مباشرة بإزالة أجهزة التموقع GPS من الشاحنات، وهو الإجراء الذي يُعتمد غالبًا في عمليات التهريب لطمس آثار المركبات ومنع تتبع مسارها.

الجلسة كشفت أيضًا عن تفاصيل مثيرة حول دور العربي، أحد المتهمين الرئيسيين في الملف، الذي يواجه اتهامات بالمشاركة في عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود المغربية الجزائرية، ومن ثم إلى النيجر وليبيا، ضمن شبكة مترابطة يقودها "إسكوبار الصحراء".

ورغم إنكاره المستمر أمام المحكمة، إلا أن التحقيقات أظهرت أن العربي كان على اتصال مباشر بمدير أحد فروع البنكية، حيث يُشتبه في استخدامه لتحويل أموال مرتبطة بالعمليات غير المشروعة.

ونفى المتهم العربي تورطه في ملف حجز 40 طن من المخدرات، مؤكدًا أنه لا صلة له بشبكات التهريب التي تحدث عنها المالي الحاج بن إبراهيم في اعترافاته.

وبعد تأجيل الجلسة ليوم 7 مارس، يبقى ملف "إسكوبار الصحراء" مفتوحًا على العديد من المفاجآت، حيث ينتظر أن تكشف التحقيقات القادمة مزيدًا من التفاصيل حول الشبكة المعقدة التي كانت تدير عمليات تهريب المخدرات، وكيف تمكنت من توظيف شخصيات بارزة في هذا النشاط الإجرامي.

القضية، التي أصبحت رمزًا لمحاربة الجريمة المنظمة في المغرب، قد تحمل في طياتها تداعيات كبيرة على المشهد السياسي والاقتصادي، خاصة بعد تورط أسماء نافذة فيها.

آخر الأخبار