مجلس النواب يفتتح دورته البرلمانية وسط سخط اجتماعي واقتصادي

افتتح مجلس النواب، اليوم الجمعة 11 أبريل، الدورة الثانية من السنة التشريعية الرابعة، في سياق يطغى عليه تصاعد التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤرق المغاربة، وفي ظل رهانات وطنية وإقليمية ودولية متزايدة التعقيد.
وفي الوقت الذي تتحدث تقارير صادرة عن مجلس النواب نفسه تنبه إلى غيابات بالجملة في صفوف البرلمان عن الجلسات واللجان الدائمة، لفت رئيس مجلس النواب، خلال الجلسة الافتتاحية، إلى أن المجلس مدعو إلى مواصلة العمل بجدية ومثابرة لضمان أثر ملموس للسياسات العمومية والإنفاق العام على حياة المواطنين. وشدد على أهمية جعل المواطن في صلب العمل البرلماني والتشريعي، تماشيا مع الرؤية الملكية السامية.
وأشار إلى أن الفترة الفاصلة بين الدورتين شهدت استمرار اللجن النيابية في عملها التشريعي والرقابي، إلى جانب تنظيم أنشطة دبلوماسية مكثفة تؤكد حضور البرلمان المغربي في المنتديات الدولية، خصوصا ما يرتبط بالدبلوماسية البرلمانية.
وفي ظل المتغيرات الجيوسياسية العالمية، دعا رئيس المجلس إلى رص الصفوف الوطنية وتجاوز الخلافات السياسية الضيقة. وأبرز أن المغرب يمتلك مؤهلات كبرى للصمود وتعزيز مكانته إقليمياً ودوليا، على رأسها المؤسسة الملكية وقوة الدولة وعراقتها، وترسخ المؤسسات الديمقراطية.
وفي ما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، شدد رئيس المجلس على مركزية قضية الوحدة الترابية للمملكة، معتبرا أن "الصحراء هي النظارة التي يرى بها المغرب العالم". ودعا إلى استمرار التعبئة لمواجهة السرديات المغلوطة التي يروج لها خصوم المملكة.
كما أشار إلى أن البرلمان المغربي يعمل، بتوجيه ملكي، على الدفاع عن القضايا العادلة في العالم، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مجددا دعم المملكة غير المشروط لحقوق الشعب الفلسطيني، وإبراز دور لجنة القدس وذراعها الاجتماعي بيت مال القدس في تعزيز صمود الفلسطينيين.
وبخصوص برنامج عمل الدورة الحالية، كشف رئيس مجلس النواب أنه سيكون مكثفًا، وسيتطلب تعبئة جماعية من الأغلبية والمعارضة، لمواكبة التحديات الوطنية، وتحقيق نجاعة أكبر في مناقشة السياسات العمومية واقتراح الحلول الملائمة لها، بما يخدم تطلعات المواطنين ويعزز المسار الديمقراطي والمؤسساتي للمملكة.
ملفات ساخنة
وتم افتتاح الدورة البرلمانية الحالية لمجلس النواب، في ظل موجة غلاء غير مسبوقة تمس مختلف مناحي الحياة، رغم الأموال الطائلة من الدعم العمومي الذي أقرته الحكومة، وهو الغلاء الذي طال كل المواد الغذائية الأساسية.
ويترقب المواطنون من ممثليهم تحت قبة البرلمان تحركات ملموسة تتجاوز الخطابات، وتترجم إلى إجراءات عملية تساهم في تحسين قدرتهم الشرائية، وضمان عدالة اجتماعية أوسع بإقرار قوانين ومشاريع تتيح فرص شغل أكبر وأوسع وتحقيق انفراج على المستوى المعيشي.
وتعد أزمة البطالة من الملفات الاجتماعية والاقتصادية ذات الأولوية القصوى، إلى جانب ضعف الخدمات الصحية والتعليمية، واستمرار التفاوتات المجالية، فضلا عن أزمة السكن وغلاء العقار التي تؤرق فئات واسعة. كما يشكل موضوع الحماية الاجتماعية وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد رهانًا حقيقيًا لتحقيق استهداف أفضل للدعم العمومي.
ويطالب عدد من البرلمانيين الحكومة بالتحرك العاجل للحد من تداعيات الغلاء ومراجعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية، في مقدمتها المطالبة بفتح تحقيق عاجل من خلال لجنة برلمانية لتقضي الحقائق حول الدعم العمومي الذي تم توجيهه إلى "أشخاص" وجمعياتهم من أجل استيراد المواشي من الخارج بأهداف معينة دون أن تتحقق هذه الاهداف.
مطالب الشفافية والرقابة على سلاسل التوزيع والأسواق واحد من المطالب الشعبية التي بات البرلمان مطالبا بإنزال ثقله لإقرار نصوص ذات الصلة.
وفي ظل هذه التحديات، يبقى البرلمان مطالبًا بتقوية دوره الرقابي والتشريعي، والدفع نحو سياسات عمومية فعالة تستجيب لانتظارات المواطنين، خاصة في ظل السياق الإقليمي والدولي غير المستقر، الذي يفرض مزيدًا من التجانس والتلاحم في مواجهة الأزمات المتلاحقة.