التمييز في الأجور على طاولة الحوار الاجتماعي.. آمال معلقة ومطالب مؤجلة

الكاتب : انس شريد

13 أبريل 2025 - 10:00
الخط :

يُقبل المغرب على محطة جديدة من محطات الحوار الاجتماعي، وسط أجواء مشحونة بالتطلعات والانتظارات، في ظل سياق اقتصادي واجتماعي دقيق، زاد من تعقيده ارتفاع الأسعار وتآكل القدرة الشرائية لفئات واسعة من المجتمع، خاصة الطبقة الشغيلة.

وأصبحت جولة أبريل المرتقبة حديث الساعة في أوساط النقابات المهنية، والقطاع الخاص، والموظفين، بل وحتى في الشارع العام، نظراً لما تمثله من أمل في تحسين الأوضاع المعيشية، وتسوية ملفات طال انتظارها.

وكثفت حكومة، بقيادة عزيز أخنوش، من تحركاتها خلال الأسابيع الماضية، في محاولة لتعبيد الطريق نحو حوار اجتماعي منتج، يجمعها بالمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، إلى جانب الاتحاد العام لمقاولات المغرب.

ورغم الرسائل الإيجابية التي ترسلها رئاسة الحكومة من حيث الانفتاح والاستعداد للتجاوب، فإن مناخ الشك لا يزال يخيم على العديد من الفئات، في ظل تجارب سابقة طبعها التردد في التنفيذ، والتأجيل المتكرر للاتفاقات.

ويبدو هذا التركيز في هذه الدورة يبدو منصباً على عدد من النقاط الأساسية، أهمها تحسين الأجور، وإنهاء التمييز المجحف الذي يطال بعض الفئات العمالية، وعلى رأسها العاملات والعمال في القطاع الفلاحي، الذين لا يزالون يصارعون تحت وطأة تفاوتات صارخة في الحد الأدنى للأجور، مقارنة بغيرهم في قطاعات أخرى.

وبهذا الخصوص، تتصاعد الأصوات المطالبة بضرورة تنفيذ الالتزامات السابقة التي تعود إلى اتفاق أبريل 2011، والتي تم تجديد التأكيد عليها في دورة الحوار الاجتماعي لسنة 2022، دون أن يلمس العاملون على الأرض أي تحول ملموس في واقعهم اليومي.

وتزامناً مع انطلاق جولة أبريل من الحوار، أعلنت النقابة الوطنية للعمال الزراعيين، المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، عن إطلاق حملة احتجاجية وطنية واسعة النطاق، تمتد لأسبوع كامل، بهدف الضغط على الحكومة والباطرونا من أجل تفعيل الاتفاقات المبرمة، ورفع "التمييز المهين" في الأجور داخل القطاع الفلاحي. الحملة التي انطلقت تحت شعار “لا لتنصل الدولة والباطرونا من التزامهما بإنهاء فضيحة التمييز في الأجور”، تسعى إلى جعل صوت أكثر من مليون عامل وعاملة زراعيين مسموعاً، وهم الذين يعيش أغلبهم تحت عتبة الفقر، في ظل ظروف عمل توصف بالهشة والمجحفة.

النقابة لا تكتفي فقط بالمطالب الاقتصادية، بل ترفع سقف احتجاجها ليشمل الجانب الحقوقي والاجتماعي، مستنكرة ما وصفته بـ"العنصرية" التي تتعرض لها عاملات الفراولة المغربيات في الحقول الإسبانية، مطالبين بضمان كرامتهن كعاملات مهاجرات.

في المقابل، تستمر انتقادات النقابة للحكومة، التي تتهمها بمحاولة "ذر الرماد في العيون" من خلال تفعيل زيادة "هزيلة" بنسبة 5% فقط في الحد الأدنى للأجور الفلاحي، وهي نسبة لا ترقى إلى الحد الأدنى من انتظارات الشغيلة، حسب ما جاء في مضمون البلاغ.

كما انتقدت تلكؤ وزارة التشغيل في إصدار مرسوم يوضح مراحل تنفيذ الاتفاقات، إضافة إلى تجاهل اتفاقية جماعية ظلت عالقة لدى الوزارة منذ أكثر من سنتين، وفق ما أورده البيان.

الآمال المعلقة على هذه الجولة من الحوار الاجتماعي ليست بسيطة، فكذلك الموظفون في القطاع العام، ورغم استفادتهم من زيادة عامة في الأجور خلال اتفاق أبريل 2024، ما زالوا يطالبون بالمزيد في ظل الغلاء المتواصل وتزايد كلفة المعيشة، خاصة في المدن الكبرى.

الشطر الثاني من الزيادة (500 درهم) المنتظر صرفه في يوليوز القادم، يبدو غير كافٍ بنظر النقابات، التي تطالب بإجراءات إضافية تعزز القدرة الشرائية وتعالج التفاوتات بين الفئات المهنية.

مع كل هذه الخلفيات، تبرز جولة أبريل كاختبار حقيقي لإرادة الحكومة في الإنصات والاستجابة، وفرصة للنقابات لتأكيد قدرتها على التفاوض الجاد والمنظم.

آخر الأخبار