غضب في قبة البرلمان.. المعارضة تتهم الحكومة بـ"دفن" مقترحاتها

في أولى جلسات الأسئلة الشفهية بالدورة الربيعية لمجلس النواب، عادت لغة الغضب إلى أروقة البرلمان، بعدما فجّر نواب المعارضة موجة استياء عارمة ضد ما وصفوه بـ"الإقصاء الممنهج" لمقترحات القوانين التي تقدموا بها منذ شهور دون أن تجد طريقها نحو التفاعل أو النقاش.
تحت قبة المؤسسة التشريعية، علت أصوات الغضب من تأجيل مستمر ومقصود من طرف الحكومة، التي يتزعمها عزيز أخنوش، في التعامل مع المقترحات التشريعية القادمة من الفرق المعارضة، والتي قال عنها المتدخلون إنها تصبّ في مجملها في خدمة المواطنين وتستجيب لانشغالاتهم اليومية.
وكان ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، من أبرز الأصوات المعارضة خلال هذه الجلسة، حيث لم يتردد في توجيه اتهام صريح للحكومة بالتقاعس عن أداء دورها في تفعيل المقتضيات الدستورية التي تضمن حق الفرق النيابية، بما فيها المعارضة، في التشريع والمساهمة في إنتاج القوانين.
وأكد السنتيسي، بلغة مشحونة، أن فريقه تقدم بـ233 طلبًا لعقد اللجان، و110 مقترحات قوانين، إلا أن أغلب هذه المبادرات بقيت رهينة الأدراج دون أي تجاوب من الحكومة، التي اختارت، حسب قوله، أسلوب الانتقائية والتأجيل غير المبرر.
أكثر من ذلك، كشف السنتيسي أن الفريق الحركي تقدم منذ فبراير الماضي بطلب مهم يتعلق باستيراد المواشي، في ظل أزمة ارتفاع أسعار اللحوم، غير أن هذا الطلب تم تجاهله بشكل كامل، قبل أن تتقدم فرق الأغلبية نفسها بطلب مشابه بعد مرور أكثر من شهر ونصف، ليُفتح له المجال، في ما بدا وكأنه تمييز واضح في التعامل مع المبادرات بحسب الانتماء السياسي وليس مضمون المقترح.
هذا الوضع، بحسب نواب المعارضة، لا يمس فقط بمبدأ العدالة المؤسساتية بين الفرق البرلمانية، بل يضرب في العمق فلسفة التعددية التي بُني عليها النظام السياسي المغربي، كما يُفرغ النقاش البرلماني من محتواه الحقيقي كآلية رقابية وتشريعية قادرة على التأثير في السياسات العمومية وتوجيهها نحو مصلحة المواطن.
الغضب الذي عبّر عنه نواب المعارضة لم يكن مجرد ردة فعل عابرة، بل جاء محمّلاً برسائل سياسية عميقة، تدعو الحكومة إلى مراجعة تعاملها مع المؤسسة التشريعية، وإعادة الاعتبار لأدوار البرلمان، خاصة أن السياق الراهن يتطلب انخراطًا فعّالًا من كل الفاعلين المؤسساتيين في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تمر منها البلاد.