بنكيران يُشهر الورقة الحمراء في وجه أخنوش ولشكر

يشهد المشهد السياسي المغربي تصعيدًا جديدًا في نبرة الخطاب بين أبرز الفاعلين الحزبيين، بعد أن أعلن حزب العدالة والتنمية بشكل صريح عن استبعاده توجيه الدعوة إلى رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، وكذا إلى الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، لحضور المؤتمر الوطني التاسع للحزب، المرتقب عقده يومي 26 و27 أبريل الجاري.
ويأتي القرار، الذي وُصف من قبل المتابعين بـ"الورقة الحمراء" التي أشهرها عبد الإله بنكيران في وجه خصومه السياسيين، في سياق احتقان سياسي متزايد، وخلافات باتت تخرج إلى العلن دون مواربة.
وخلال ندوة صحفية عقدت صباح اليوم الأربعاء، خصصت للكشف عن مستجدات المؤتمر، أكد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس اللجنة التحضيرية ورئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن الحزب قرر عدم توجيه الدعوة إلى عزيز أخنوش، تفاديًا لما وصفه بـ"الإحراج السياسي"، بالنظر إلى ما اعتبره جدلًا مستمرًا حول تضارب المصالح وبعض الممارسات المرتبطة بالعمل الحكومي الحالي.
وقال الأزمي إن الحزب حرص على احترام وعي المواطن المغربي، وعدم إرباكه بصور أو مشاهد قد تحمل في طياتها رسائل متناقضة مع المواقف السياسية الصارمة التي ما فتئ الحزب يعبّر عنها تجاه الحكومة الحالية.
وأوضح الأزمي، أن حزب العدالة والتنمية لا يمكنه أن يجمع بين التقريع العلني والنقد الحاد الموجه للحكومة ورئيسها، وبين دعوة الطرف ذاته إلى مؤتمره الوطني، معتبرًا أن هذا السلوك يتنافى مع الوضوح السياسي ويُضعف من مصداقية الحزب في أعين الرأي العام.
وأضاف أن القرار لم يكن موجهًا فقط إلى رئيس التجمع الوطني للأحرار، بل شمل أيضًا إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، في ضوء الخلافات القائمة بين قيادات الحزبين، والتي وصلت في مراحل عديدة إلى مستوى تبادل الاتهامات والانتقادات اللاذعة.
في السياق ذاته، أعلن الأزمي أن الدعوات الرسمية للمؤتمر وُجّهت إلى كافة الفرق النيابية المتواجدة داخل البرلمان، مشيرًا إلى أن الحزب يسعى من خلال مؤتمره التاسع إلى تجديد النفس السياسي واسترجاع المبادرة، بعد المرحلة الصعبة التي مر بها منذ نتائج انتخابات 2021.
ويأتي هذا الموقف في ظل أجواء مشحونة تطبع العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وعدد من المكونات السياسية المشكلة للأغلبية الحكومية، خاصة بعد سلسلة من التصريحات القوية التي أدلى بها بنكيران ضد الحكومة، متهمًا إياها بالفشل في معالجة عدد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وفي مقدمتها ملف الغلاء وتدبير دعم المواد الغذائية.
كما وجّه الحزب انتقادات حادة لما اعتبره استغلالًا للسلطة وتضاربًا في المصالح، خاصة في ما يرتبط بتداخل العمل السياسي والاقتصادي.
من جهته، لم يصدر بعد أي تعليق رسمي من حزب التجمع الوطني للأحرار بشأن قرار الاستبعاد، في وقت يُنتظر فيه أن تثير هذه الخطوة ردود فعل متباينة داخل المشهد السياسي، خاصة وأنها تعكس استمرار القطيعة السياسية بين العدالة والتنمية من جهة، ومكونات الأغلبية من جهة أخرى، ما يُضعف آفاق التوافقات أو التهدئة في المستقبل القريب.
وفي ظل هذا التصعيد، يبدو أن المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية لن يكون مجرد محطة تنظيمية داخلية، بل مناسبة لإعادة رسم موقع الحزب داخل الخريطة السياسية، وتحديد استراتيجية اشتباكه مع حكومة عزيز أخنوش، في مرحلة دقيقة تتسم بارتفاع منسوب الانتظارات الشعبية، والبحث عن بدائل سياسية قادرة على كسب ثقة المواطن المغربي من جديد.