في مؤتمر "المصباح".. المعارضة تهاجم أداء الحكومة وتؤكد تآكل الثقة الشعبية

هاجمت المعارضة البرلمانية المغربية، اليوم السبت، أداء الحكومة، معتبرة أنها فشلت في الوفاء بالتزاماتها السياسية والاجتماعية، وسط أجواء مشحونة طبعت أشغال المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية المنعقد ببوزنيقة.
وانتقد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، بشدة الحصيلة الحكومية، معتبرا أن المغرب يعيش اليوم مرحلة من تراجع النقاش العمومي وانخفاض منسوب الثقة والمشاركة السياسية إلى مستويات غير مسبوقة.
وقال بنعبد الله في كلمة ألقاها خلال المؤتمر إن الحكومة لم تفلح في ترجمة التزاماتها إلى إجراءات ملموسة، كما أن رصيدها في مجال الإصلاح السياسي والاجتماعي يبقى ضعيفا جدا، مضيفا أن السلطة التنفيذية الحالية تفتقد إلى القوة السياسية وإلى رؤية واضحة لتنفيذ روح ومضامين الدستور.
وفي السياق نفسه، وجه عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سهام انتقاداته إلى حكومة عزيز أخنوش، متهما إياها بالتخلي عن عدد من المكتسبات الاجتماعية الأساسية.
وأشار ابن كيران إلى أن الحكومة أجهزت على برامج دعم مباشر للفئات الهشة، وعلى رأسها برنامج التغطية الصحية "راميد"، الذي أطلق خلال ولاية وزير الصحة الأسبق الحسين الوردي، معبرا عن تقديره للجهود التي بذلها الأخير في سبيل تعزيز العدالة الصحية.
وأضاف أن هذه التراجعات الاجتماعية انعكست سلبا على أوضاع شريحة واسعة من المواطنين الذين كانوا يعتمدون على هذه البرامج في تدبير أوضاعهم الصحية والمعيشية.
كما انتقد ابن كيران القرارات التي أقدم عليها وزير العدل عبد اللطيف وهبي بشأن مدونة الأسرة، معتبرا أن المواقف المعارضة التي تبناها حزب العدالة والتنمية بخصوص هذه التعديلات ساهمت في تعزيز قاعدته الشعبية من جديد.
ولم يغفل الأمين العام لحزب المصباح إثارة ملف تضارب المصالح، متهما رئيس الحكومة بالاستفادة غير المشروعة من الدعم العمومي عبر إحدى شركاته المتورطة في صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء.
وطالب ابن كيران بضرورة إصدار بلاغ رسمي يوضح فيه رئيس الحكومة ما إذا كانت شركته استفادت فعلا من الدعم العمومي، داعيا إلى احترام الدستور والقانون في ما يتعلق بتعامل المسؤولين الحكوميين مع الصفقات العمومية.
ويأتي انعقاد المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية في مرحلة حساسة من تاريخه السياسي، بعد سنوات من التراجع والانتكاسات الانتخابية التي عصفت به منذ أزمة "البلوكاج الحكومي" عقب انتخابات السابع من أكتوبر 2016.
وتمثل هذه المحطة التنظيمية فرصة مهمة للحزب من أجل تجديد هياكله القيادية، والمصادقة على أطروحة سياسية جديدة تحدد أولوياته ورهاناته المستقبلية، في محاولة لاستعادة بريقه السياسي الذي اكتسبه خلال مرحلة ما بعد حراك الربيع العربي ودستور 2011، عندما قاد أول حكومة بعد الإصلاحات الدستورية.
وتسود أوساط الحزب آمال واسعة في أن يشكل المؤتمر نقطة انطلاق جديدة تتجاوز أخطاء الماضي، خاصة عقب السقوط المدوي في انتخابات 2021، التي فقد فيها الحزب حضوره القوي داخل البرلمان والجماعات المحلية، بعد أن كان يتصدر المشهد السياسي بـ140 مقعدا برلمانيا وقرابة 200 رئاسة جماعية.
ويراهن قادة الحزب على تجديد الثقة في مشروعهم السياسي من خلال ضخ دماء جديدة في الأجهزة الحزبية واستعادة الثقة الشعبية التي تعرضت لضربة قوية خلال السنوات الأخيرة.
وخلال تقديمه للتقرير السياسي أمام المؤتمرين، واصل عبد الإله ابن كيران هجومه على الحكومة، متهما إياها بتحزيب الإدارة وتوزيع المناصب على الأصدقاء والمقربين، في تجاهل لمبدأ تكافؤ الفرص والشفافية.
وقال إن الحكومة فشلت في التواصل مع المواطنين، وفي إدارة العلاقة مع المعارضة بشكل يليق بالتقاليد الديمقراطية، مضيفا أن سياساتها تعمق الهوة بين المواطن والمؤسسات.
كما كشف بنكيران عن أن الحكومة امتنعت عن صرف الدعم المالي المخصص للمؤتمر الوطني بدعوى وجود مانع قانوني، وهو ما دفع الحزب إلى إطلاق حملة تبرعات داخلية أسفرت عن جمع أكثر من مليون درهم في ظرف يومين فقط.
وأكد أن الحزب سيتابع هذا الملف مع وزارة الداخلية، معتبرا أن هذه التجربة أبرزت مدى تماسك قواعد الحزب واستعدادها للدفاع عن مشروعه رغم كل العراقيل.