جدة المختار السوسي التي خلفت 150 حفيدا بينهم 20 عالما

الكاتب : الجريدة24

10 فبراير 2024 - 12:00
الخط :

التصوف بصيغة المؤنث: جدة المختار السوسي التي خلفت 150 حفيدا بينهم 20 عالما

أمينة المستاري

التصوف بصيغة المؤنث: جدة المختار السوسي التي خلفت 150 حفيدا بينهم 20 عالما ..

من السيدات الأمازيغيات القانتات الناسكات اللواتي يتذكرهن التاريخ، الواعظة والفقيهة "تاكدا"، جدة مجموعة من الفقهاء والعلماء بإليغ من بينهم حفيدها المختار السوسي، فهي من النساء الرائدات في عالم التصوف والعلم بسوس.

تاكدا بنت سعيد بن محمد بن الحسن بن سعيد بن علي بن بلقاسم بن عبد الله بن سعيد، هي جدة علماء كثر بإيليغ. رأت النور سنة 1242هـ، في أسرة علمية مسلمة معروفة بالورع والتقوى والعلم. حفظت القرآن منذ صغرها وأصبحت فقيهة ومعلمة وواعظة، حتى اعتبرت من أعظم نساء إليغ، وأعظم أم حرصت على بناء شخصية أبنائها وحفدتها بتعليمهم القرآن الكريم.

بعد زواجها أحمد بن محمد سنة 1260هـ، انتقلت إلى حياة أخرى جديدة، فاتجه اهتمامها لأبنائها، تربيهم وتعتني بهم، وتزرع فيهم حب العلم والقرآن. عرفت بحرصها على أداء فروض الدين في الأوقات الموقوتة، وفتحت باب بيتها لإطعام طلبة العلم والفقراء وعابري السبيل...

عرفت "تاكدا" بجمعها بين مهام الاعتناء بالبيت والأطفال، والتعليم والتعلم، كما هو حال المرأة الإيليغية البدوية التي تقوم بواجباتها إزاء زوجه، بتوفير شروط الراحة، والصبر العظيم والإخلاص لزوجها، والرفق في المعيشة، مع حفظها للسر ومظاهر التدين...

خلفت تاكدا 150 حفيدا قبيل وفاتها، علمت القرآن وتعالميه ل 70 ذكرا منهم، وبرز منهم 20 عالما، من أبرزهم المختار السوسي، الذي قال في شهادته عنها : "إذا صدق أهل هذا العصر في قولهم: إن مستقبل الأبناء في أيدي الأمهات، فإنهن المدرسة الأولى والغارسات في الأذهان-وهي كما انبثقت، علو الهمم، والشعور الحي؛ فإن لهذه السيدة حقا يدا طولى فيما توجهت إليه الأنظار بعض أولادها فنالوا، وتسويها في ذلك السيدة رقية أم العلامة علي بن عبد الله ابن صالح".

حرصت على تعليم النساء أمور دينهن وحسن معاملة أزواجهن وأبنائهن، وحاولت قدر المستطاع أن تزرع فيهن المبادئ والأخلاق باعتبارهن المربيات والمعلمات لأبنائهن وأحفادهن.

تحدث عنها حفيدها المختار السوسي في كتابه المعسول بكونها اشتهرت برباطة الجأش وتؤدي واجب ربها، وتقوم بما عليها إزاء أسرتها، وصفت بتدينها وعفافها...وعرف عنها حبها للعمل، فهي كانت ترعى الغنم، وتشرف على مجموعة من الرعاة يساعدونها في تربية الماشية، بل وتحلب الشياه، وتستخرج منه اللبن والزبدة، وتحضر طعام الرعاة، وتشرك صغار أبنائها وأحفادها في الرعي، حتى يتحملوا المسؤولية ويعرفوا قيمة العمل، وتزور الأقارب والجيران، تدعو لهم فقد كانت مستجابة الدعاء في غالبية تنقلاتها.

قبل وفاتها بمدة، بدأ العياء يظهر عليها، فأصبحت أكثر تأثرا، تداوم على الصدقة رغم كبر سنها، استمرت في تقديم المواعظ والحكم والإرشاد....إلى أن توفاها أجل المنية سنة 1340هـ، مخلفة سيرة حسنة وعلما استفاد منه أبناؤها وأحفادها وكل من عايشها.

عاشت "تاكدا" ما يناهز 100 سنة، وهي سمة خاصة بأسرتها، فأختاها وصفتا أيضا بالمعمرتين، وعايشت أجيالا وشاهدت أحفادها الذين بلغوا قبل سنة 1328هـ أكثر من 150 حفيدا.

آخر الأخبار