الزاوية الكركرية منصة للتقارب الروحي والثقافي: وفد هولندي يزور المؤسسة الصوفية بالعروي

في سياق الزيارة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي قام بها وفد هولندي-مغربي رفيع المستوى لإقليمي الناظور والدريوش، حلّ الوفد يوم الخميس 22 ماي 2025 ضيفًا على الزاوية الكركرية بمدينة العروي، حيث كان في استقباله الشيخ سيدي محمد فوزي الكركري، شيخ الطريقة الكركرية ورئيس مؤسسة الكركري للدراسات الصوفية في أمريكا، إلى جانب عدد من المريدين وممثلي الطريقة داخل وخارج المغرب.
تميزت هذه المحطة من الزيارة بأجواء يسودها الاحترام المتبادل والانفتاح الثقافي، وشكلت مناسبة للاطلاع على الدينامية الروحية والإنسانية التي تطبع مسار الطريقة الكركرية، المنتشرة بعدد من الدول، والتي تتبنى منهجًا صوفيًا ينهل من قيم المحبة والتزكية والخدمة، ويعزز قيم السلام والتسامح، في وقت أصبح فيه العالم في أمس الحاجة إلى جسور التواصل الروحي بين الحضارات.
خلال اللقاء، قدّم الشيخ سيدي محمد فوزي الكركري عرضًا شاملاً حول المرتكزات الفكرية والروحية للطريقة، مبرزًا دورها كفاعل مدني وروحي في تعزيز ثقافة الحوار والعيش المشترك، والتفاعل مع قضايا المجتمع بروح المسؤولية والتجرد. كما نوه بالعلاقات المتجذرة بين مغاربة العالم ووطنهم الأم، داعيًا إلى جعل التصوف رافعة لبناء جسور الثقة والانتماء بين الأجيال.
وقد تخلل الزيارة تنظيم مأدبة غذاء تكريمية على شرف الوفد، عكست عمق الكرم المغربي وأصالة القيم الثقافية والروحية التي تؤطر استقبال الضيوف. وفي لحظة ذات حمولة رمزية خاصة، أهدى الشيخ الكركري للوفد نسخة من مؤلفه الصوفي باللغة الهولندية، الذي يُعرّف بمسار الطريقة وفلسفتها، وذلك في بادرة تهدف إلى تعميق جسور الحوار بين الثقافات من خلال التصوف كفضاء جامع بين الإنسان والروح، بين الشرق والغرب.
كما عبّر الشيخ عن تقديره الكبير لمبادرة الختان الجماعي المجاني التي ستُنظم يوم السبت 24 ماي بالمستشفى الحسني بالناظور، والتي جاءت نتيجة شراكة إنسانية بين جمعية هولندية وعدد من الفاعلين المحليين، منوّهًا بأهمية هذه الخطوة في تخفيف العبء عن الأسر المعوزة، وفي تجسيد قيم التضامن والتكافل العملي.
وقد ضم الوفد الهولندي شخصيات بارزة من أبناء الجالية المغربية بهولندا، من مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والإعلامية، من بينهم:
السيد زكي باران: نائب سابق لعمدة روتردام، وعضو بغرفة التجارة والصناعة، وفاعل في نقابة التجار الأتراك.
السيدة زينب ميموني: رئيسة منظمة "ياسمينة للأم والطفل"، الناشطة في دعم النساء والأطفال وتعزيز التماسك الأسري.
السيد إلياس ستيرك: عضو فعّال في المنظمة ذاتها، يسهر على تنفيذ برامج إدماجية وتربوية موجهة للجالية.
الإعلامي أزبان أزكان: صحفي مرموق من أصول تركية، معروف بمواكبته لقضايا الهجرة والجاليات.
السيد لحسن بنمريت: رئيس جمعية "آفاق لمغاربة هولندا"، وأحد أبرز المدافعين عن قضايا الجالية المغربية بالخارج.
إلى جانب كل من السيد سفيان المقدم والسيد جمال المسعودي عن مؤسسة "مغاربة العالم"، واللذين يلعبان أدوارًا فاعلة في تعزيز الروابط بين مغاربة المهجر ووطنهم الأم.
إن هذه الزيارة، بما تحمله من رسائل روحية وثقافية، تأتي في إطار مقاربة شمولية لتعزيز التعاون بين مكونات المجتمع المدني المغربي ونظيراتها في المهجر، كما تعكس الإرادة المشتركة للانخراط في مشاريع ذات بعد إنساني وروحي، تكرّس التفاهم بين الثقافات وتُعلي من قيمة التعدد كرافعة للوحدة والسلام.