"الولاءات السياسية قبل الكفاءة".. المعارضة تهاجم أسلوب الحكومة في تدبير الدعم ومنح الصفقات

الكاتب : انس شريد

24 مايو 2025 - 07:30
الخط :

في تصعيد لافت للهجة الانتقادية، صعّدت أحزاب المعارضة من نبرتها تجاه الحكومة، متهمة إياها بـ"توزيع الصفقات" والدعم العمومي وفقاً لمنطق الولاءات السياسية.

هذه الاتهامات لم تعد تقتصر على الخطابات العامة، بل انتقلت إلى فضاء المؤسسات، حيث تلاحق الحكومة أسئلة محرجة في قبة البرلمان، وسط مطالب متزايدة بالكشف عن حقيقة تدبير الصفقات العمومية، وضرورة مساءلة المسؤولين عن شبهات تضارب المصالح واستغلال النفوذ.

وتقود المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية هذا الهجوم السياسي، حيث خرج رئيسها عبد الله بوانو، في ندوة صحفية حامية بالرباط، محملاً الحكومة الحالية سلسلة من الاتهامات الثقيلة التي وصفها بأنها "تضرب جوهر الشفافية، وتدمر الثقة في المؤسسات".

وتحدث بوانو مؤخرا عن تزايد مظاهر المحسوبية وتنامي حالات تضارب المصالح، لا سيما في صفقات عمومية كبرى شملت قطاعات حيوية كالصحة والطاقة والصيد البحري.

القطاع الطاقي كان في صلب الاتهامات التي وجهها بوانو، متوقفاً عند صفقة الغاز الطبيعي المسال بمنطقة تندرارة، والتي استفادت منها شركة "إفريقيا غاز"، في إطار عقد طويل الأمد تم وصفه بـ"الاحتكاري"، عبر منح الشركة حق بيع وتوزيع الغاز المستخرج من الحقل لعشر سنوات بمعدل 100 مليون متر مكعب سنوياً.

وتوسعت دائرة الاتهامات لتشمل صفقة تحلية مياه البحر في جهة الدار البيضاء – سطات بقيمة 6.5 مليارات درهم، وصفقة تزويد المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالفيول بقيمة 2.44 مليار درهم، والتي كانت من نصيب نفس الشركة.

ولم يفوت بوانو الفرصة لاتهام رئيس الحكومة شخصياً بـ"استغلال منصبه لتعزيز مصالح اقتصادية تابعة لشركته الخاصة، تحت غطاء تقديم أفضل عرض تقني ومالي".

ولم يكن قطاع الصحة بمنأى عن الانتقاد، حيث تحدّث بوانو عن "إلغاء غامض لصفقات قانونية لفائدة شركات معينة"، معتبراً ذلك دليلاً على تدخلات سياسية في تدبير الشأن الصحي.

كما هاجم قرارات إلغاء صفقات المناولة في ميادين الحراسة والنظافة داخل المديريات الجهوية، والتي يرى أنها تمت لصالح شركات أكبر، مقابل "إقصاء واضح للمقاولات الصغيرة والمتوسطة"، في ظروف لم تُبرر بشكل شفاف أمام الرأي العام.

وأثار بوانو ملفاً بالغ الحساسية يتعلق باستيراد المواشي، متهماً شركات استُحدثت بعد الإعلان عن الدعم والإعفاء الضريبي بالاستفادة من هذا الدعم، لأغراض تجارية محضة.

وذهب أبعد من ذلك حين كشف أن نائباً برلمانياً واحداً حصل على وصل لاستيراد 12 ألف رأس من الغنم في يوم واحد فقط، وهو ما اعتبره "فضيحة تمس مصداقية المؤسسات المنتخبة"، خاصة مع ورود أسماء سبعة برلمانيين آخرين نالوا رخصاً مماثلة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة التواطؤ بين السياسي والاقتصادي.

وتابع بوانو عرضه بلهجة حادة، مؤكداً أن مثل هذه الممارسات "تشجع على الريع، وتضرب روح المنافسة، وتُسهم في تآكل الثقة بالمؤسسات الديمقراطية".

داعياً إلى فتح تحقيق شامل وعاجل، مع ترتيب المسؤوليات في حال ثبوت وجود تجاوزات أو استغلال للنفوذ.

ولم يسلم قطاع الصيد البحري من هذه العاصفة، إذ تحدث بوانو عن ما وصفه بـ"الفساد الذي يهدد الثروة السمكية الوطنية"، مشيراً إلى استفادة عضو بحزب رئيس الحكومة من دعم مالي ضخم بلغ 11 مليون درهم.

كما تحدّث عن ضغوطات يتعرض لها العاملون في القطاع من أجل دعم حكومة أخنوش، واصفاً الأمر بـ"الاستغلال السياسي الممنهج للقطاعات الحيوية".

اتهامات المعارضة، كما أبرزها بوانو، لا تبدو مجرد تصفية حسابات سياسية، بل هي مؤشرات على تصاعد التوتر السياسي داخل المؤسسات، في ظل غياب توضيحات حكومية كافية، وتزايد مطالب الشارع بالشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

هذه المعطيات تضع الحكومة أمام امتحان صعب، يتطلب منها الخروج من دائرة الصمت والدفاع التقني، إلى ساحة المكاشفة السياسية، خصوصاً في ظرفية حساسة تطبعها أزمات معيشية متلاحقة، وتراجع منسوب الثقة لدى المواطنين في جدوى العمل الحزبي والمؤسساتي.

آخر الأخبار