أزمة التوجيه بعد البكالوريا.. دعوات بإطلاق منصة وطنية لمواكبة التلاميذ

الكاتب : انس شريد

20 يونيو 2025 - 09:30
الخط :

في خضم إعلان نتائج امتحانات البكالوريا لسنة 2025 مؤخرا، تعود إلى الواجهة أزمة التوجيه التربوي التي تلاحق النظام التعليمي المغربي، وتفتح الباب مجددا للنقاش حول غياب التأطير المصاحب لمرحلة ما بعد الحصول على الشهادة الثانوية.

فخلال هذه الفترة الحاسمة، يعيش كثير من التلاميذ حالة من التيه والارتباك والضغط النفسي، بسبب عدم وضوح الرؤية بشأن مستقبلهم الأكاديمي والمهني، ما ينعكس سلبا على اختياراتهم في مرحلة التعليم العالي، خاصة في صفوف التلاميذ المنتمين إلى الفئات الاجتماعية الهشة والوسطية.

العديد من الحاصلين على شهادة البكالوريا لا يمتلكون تصورا واضحا حول طبيعة مؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المحدود، ولا عن شروط ولوج المعاهد والمدارس المتخصصة، سواء في المغرب أو خارجه.

هذا الغموض لا يرتبط فقط بقلة المعلومات المتوفرة، بل أيضا بغياب مواكبة فعلية من طرف المستشارين في التوجيه التربوي الذين لا يغطون بالشكل الكافي حاجيات التلاميذ، بسبب ضعف الموارد البشرية، ومحدودية البرامج الموجهة، وغياب منصة وطنية جامعة للمعلومات المرجعية ذات الصلة.

وتزداد حدة الإشكال لدى تلاميذ القرى والمناطق النائية، الذين يعانون من ضعف الخدمات التربوية المواكبة، ومن فقر المعلومات، ما يجعلهم عرضة لاختيارات غير موفقة، تؤدي في الكثير من الأحيان إلى إعادة التوجيه في سنوات لاحقة، أو الانقطاع النهائي عن الدراسة، أو الالتحاق بتكوينات لا تتماشى مع طموحاتهم، ولا مع حاجيات سوق الشغل.

وفي هذا السياق، دقت فعاليات تربوية ناقوس الخطر، محذّرة من خطورة ترك التلاميذ في مواجهة مصيرهم دون دعم مؤسساتي حقيقي، معتبرة أن التوجيه التربوي لا يجب أن يُختزل في بضع حصص نظرية خلال السنة النهائية من التعليم الثانوي، بل ينبغي أن يكون مسارا موازيا للتكوين يمتد طيلة المرحلة الثانوية، ويعتمد أدوات حديثة، وتكنولوجيا متطورة تراعي الفوارق الاجتماعية والجغرافية.

من جانبهم، عبّر العديد من الآباء وأولياء مرارا الأمور عن قلقهم إزاء ما وصفوه بـ"الضبابية في المسارات الجامعية المتاحة لأبنائهم"، مؤكدين أن غياب المعلومة الدقيقة والمؤطرة تربويا يربك الاختيارات، ويزيد من الضغط النفسي خلال مرحلة الامتحانات.

وطالبوا من وزارة التربية الوطنية بتخصيص مستشارين دائمين رهن إشارة التلاميذ، وتفعيل دور الأندية التربوية والمجالس التعليمية في المرافقة التوجيهية.

وقد دخل البرلمان على الخط، حيث وجّهت حورية ديدي، النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، سؤالا شفهيا لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، دعت فيه إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجاوز هذا الخلل البنيوي.

وأكدت ديدي، في معرض سؤالها، أن من شأن منصة إلكترونية وطنية شاملة أن توفر قاعدة بيانات متكاملة حول مؤسسات التعليم العالي، وشروط ولوجها، وآفاقها الأكاديمية والمهنية، مما سيساعد التلميذ على اتخاذ القرار الأنسب لمستقبله، بعيدا عن الارتجالية والاختيارات العشوائية.

ودعت النائبة الحكومة إلى التسريع في إعداد منصة رقمية موحدة ومبسطة، تجمع بين سهولة الاستخدام وغنى المعلومة، مع تحديث مستمر لمحتواها، لتكون أداة حقيقية لتكافؤ الفرص، وتجاوز الفوارق المجالية والاجتماعية.

كما تساءلت عن التدابير الملموسة التي تعتزم الوزارة اتخاذها لتعميم هذه الخدمة على كافة التلاميذ.

هذا النقاش البرلماني والتربوي يعيد طرح تساؤلات جوهرية حول مدى ملاءمة النظام التربوي المغربي لمتطلبات التلاميذ في عالم سريع التحول، يشهد تغييرات مستمرة في خريطة التكوينات الجامعية والمهن المستقبلية.

كما يضع الوزارة الوصية أمام مسؤولية تطوير آليات التوجيه، ليس فقط من خلال الأدوات الرقمية، بل أيضا عبر تأهيل العنصر البشري المكلف بهذه المهام، وضمان حضوره الفعلي في المؤسسات التعليمية، بشكل يضمن مرافقة فعالة، متوازنة، ومبنية على معرفة دقيقة بميولات التلاميذ وكفاءاتهم الفردية.

آخر الأخبار