هل يشكل المغرب تهديدا لإسبانيا؟

الكاتب : انس شريد

10 يوليو 2025 - 09:30
الخط :

في خضم تواتر تقارير إعلامية وتحليلات سياسية تشير إلى توتر محتمل في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، خرج رئيس هيئة أركان الدفاع الإسباني، الأميرال الجنرال تيودورو لوبيز كالديرون، بتصريحات رسمية تقلل من شأن هذه المخاوف، مؤكداً بشكل صريح أن احتمال تعرض مدينتي سبتة ومليلية لأي تهديد أو "غزو" من طرف المغرب غير وارد إطلاقًا.

وشدد المسؤول العسكري الإسباني، خلال لقاء إعلامي نظمه منتدى "Nueva Economía Fórum"، على أنه رغم المطالب الإقليمية المعروفة للمغرب، فإنه لا توجد أية مؤشرات تثير القلق أو توحي بوجود نوايا عدائية من جانب الرباط تجاه الأراضي الخاضعة للسيادة الإسبانية في شمال إفريقيا.

وتأتي التصريحات التي نقلتها صحيفة "eldebate" الإسبانية، لتفند عددًا من المزاعم المتداولة في بعض الأوساط السياسية والإعلامية، والتي ربطت مؤخرًا ارتفاع وتيرة الإنفاق العسكري في إسبانيا باحتمال وجود تهديدات إقليمية مصدرها الجنوب، في إشارة ضمنية إلى المغرب.

وفي هذا الإطار، أوضح كالديرون، حسب ما أكدته الصحيفة، أن القوات المسلحة الإسبانية لا تبني استراتيجياتها الدفاعية الحالية أو المستقبلية على فرضيات مرتبطة بتوتر مع المغرب، بل على أساس التزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي، مشيراً إلى أن رفع الميزانية العسكرية إلى 2% من الناتج الداخلي الخام كافٍ لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المطلوبة دون الحاجة إلى مستويات أعلى من الإنفاق، كالتي كانت تُطالب بها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

هذه التصريحات تأتي في سياق إقليمي يتميز بعودة الدفء إلى العلاقات المغربية الإسبانية، بعد فترة من التوتر الدبلوماسي، حيث تشهد العلاقات بين البلدين منذ شهور دينامية متقدمة تتجلى في التنسيق الثنائي المستمر على عدة مستويات، سواء في ما يخص قضايا الهجرة، أو التعاون الأمني، أو المصالح الاقتصادية المتبادلة.

كما يُسجل تطور واضح في الموقف الإسباني الرسمي من ملف الصحراء المغربية، الذي شكل لسنوات طويلة نقطة توتر مركزية في العلاقات الثنائية.

فبعدما أعلنت مدريد دعمها الكامل لمغربية الصحراء وللمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل سياسي وحيد وأوحد، بات هذا الاعتراف يمثل منطلقا جديدا في العلاقة بين البلدين، يقوم على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح الاستراتيجية المشتركة.

من الجانب الاقتصادي، يبرز المغرب اليوم كشريك محوري لإسبانيا في شمال إفريقيا، سواء من حيث التبادل التجاري، أو من حيث دوره كبوابة رئيسية للربط بين القارتين الإفريقية والأوروبية.

وتراهن مدريد على توطيد هذا الدور من خلال دعم المشاريع التنموية والاقتصادية التي تجمع البلدين، في وقت تنظر فيه إسبانيا إلى المغرب باعتباره فاعلاً إقليمياً مسؤولاً يضطلع بدور أساسي في استقرار المنطقة.

ويأتي نفي رئيس هيئة الأركان لأي تهديد عسكري محتمل من طرف المغرب ليضع حداً للقراءات المتشائمة التي تُثار بين الفينة والأخرى، خاصة في سياقات مرتبطة بالمنافسة الإقليمية أو السباق نحو التسلح.

كما تؤكد هذه التصريحات على أن المؤسسة العسكرية الإسبانية لا تعتبر المغرب تهديداً أمنياً، وإنما شريكاً إقليمياً في حفظ الاستقرار ومواجهة التحديات المشتركة، سواء على مستوى مكافحة الإرهاب، أو تنظيم الهجرة غير النظامية.

آخر الأخبار