لوبي تجارة السلاح والمخدرات الحاكم الفعلي لتندوف

أطلق ابراهيم غالي رصاصة الرحمة على الإتفاقية التي وقعها بيديه، ونفَّس عن عقدة تاريخية ظلت تلازمه لسنوات، وترك الصحراويين للمجهول لتلبية رغبة شخصية تلاقت وطموحات بعض القادة العسكريين المتعطشين للحروب لإثبات ذواتهم.
تورطوا في السنوات الأخيرة مع لوبيات دولية تعمل في تجارة الأسلحة والمخدرات، تضغط منذ مدة لإدخال المنطقة لأتون الحرب، لتسهيل حصول صفقات دولية لبيع السلاح بالمنطقة، بعدما أصبحت تتحكم في الكثير من دوائر القرار السياسي بالمنطقة، وتورطت معها بالطبع قيادات بجبهة البوليساريو ، اعتادت الحصول على أرباح مريحة من تجارة المخدرات، ولم تعد مقتنعة بمدخول ينظر اليه باحتقار اذا ما قورن بمداخيل بيع السلاح.
الصفقات سواء السياسية أو التجارية أو المحذورة كانت لصيقة بقيادة الجبهة المعتادة على بيع الذمة، وسرقة المساعدات، وتأمين مسار العصابات والمرتزقة، وامتهان بيع المخدرات، قبل أن تقبل طامعة وطامحة بدخول تجارة السلاح ، عبر إعلان وقفة إطلاق النار.
لكل شخص من قيادة جبهة البوليساريو أسبابه ليتبنى إنهاء إطلاق النار ، لكنهم يجتمعون على اعتبار الصحراويين حطب الحرب ، ولا يكترثون لمصيرهم ومآلهم، ما دامت الصفقة مربحة لهم.
الصحراويون بالمخيمات وبعض ضعاف العقول على قلتهم بالأقاليم الصحراوية منخدعون بإعلان الحرب، مع ما صاحبه من هالة دعائية وإشهارية فاق الخيال فيها كل التصورات، حتى سقط بعض المتنورين والمثقفين في فخ الدعاية المضللة وصدقوها، وعندما بدأت تظهر الحقيقة، وتنكشف الأكاذيب، لم يرد البعض أن يتقبل الصدق ، وكأنه يقول اتركوني أنخدع ، لا يريد أن يسمع الحقيقة، لا يريد أن يستفيق من الحلم الوهم ، ولا يتمنى أن يتعافى من النشوة الكاذبة التي أحاطته بها قيادة الجبهة.
لا تلوموا هؤلاء، فهم عاشوا عقودا قاسية فوق الأراضي الجزائرية، لا يملكون أفقا، ولا يعتبرون أنفسهم أحياء، يحسون بالمرارة وباليأس من غد أفضل.
لم تعط لهم الفرصة ليطلعوا على العروض المقدمة لهم لوحدة وطنية على أساس حكم ذاتي ينهي النزاع المفتعل، ولم يعيشوا ويروا ما رأى جزء من أهاليهم من واقع الاستقرار والتنمية التي تشهدها مختلف الأقاليم الصحراوية التي ينادون اليوم بتحريرها وهم لا يعرفون عنها شيئا.
ولا يملكون الا ما يسوق لهم عن الانتفاضات الكاذبة والحصار الزائف وعديد الاشاعات التي تصلهم عبر شرذمة من المتحاملين داخليا ممن ينشطون وفق أهداف محددة ولا يتجاوزون أصابع اليد ويتنطعون من مكان الى مكان لا يبالي بهم أحد .
لا يملكون جمهوريا سوى جمهور المخيمات ممن تصله تلك الأحداث بجرعات معينة تخدم بقاءه تحت السيطرة، ما جعله هشا ومندفعا لأبسط الأسباب ، ولا يملك عوازل نفسية تقيه الانجراف وراء سيل الدعاية المبرمجة، فيقع ضحية لأتفه الأسباب.
لأجل تلك الأسباب، وبناء على تلك الهشاشة، وانسجاما مع التيهان الذي يعيش، وطلبا لتغيير واقع كارثي بواقع آخر مهما كان، وإن أدى به للموت، ذلك أنه يموت ببطء يوميا بالمخيمات.
بغض النظر عن الأسباب التي ذكرنا ودوافع جبهة البوليساريو لإعلان وقف إطلاق النار، فقد تورطت مع جزء كبير من ساكنة المخيمات، على ضوء ما قدمنا من شرح لوضعهم ورغبتهم في التخلص من العيش داخل تلك المخيمات.
جبهة البوليساريو ليست جدية أصلا في قرارها وقف اطلاق النار، ولا تملك المقومات الميدانية والظروف المواتية لتحقيق فارق، وبدل أن تكون الرغبة الملحة للبعض في الانخراط في الحرب ذات نفع على جبهة البوليساريو، ستصبح نقطة ضعف كارثية ، بل وفارق في مسارها.
القيادة اليوم إن قررت خوض الحرب بما تحمل الكلمة من معنى، هل هي قادرة على منح الثقة في الشباب الصحراوي، ومده بالأسلحة ومشاركته الميدان، مع ما يحمله الآلاف من الصحراويين من الحقد تجاه القيادة ويحملونها المسؤولية عن معاناتهم بالمخيمات، هل تثق فيهم وبينهم المئات من أنصار المغرب، ويمنون النفس بالالتحاق بالوطن، وآمن كثير منهم بالوحدة والرغبة في بناء الوطن بعيدا عن القيادة.
من الناحية العملية : هل تسلم القيادة الأسلحة للشباب المندفع، وهو لا يعرف كيف يحمل السلاح ولم يتلق تكوينا، ولا تدريبا، وهو أمر حاسم في الميدان.
ولا تملك الجبهة أمامه سوى إقصاء أولئك الشباب وحرمانهم من المشاركة، بل ومنعهم من حمل السلاح، فماذا ستقول لهم آنذاك، وكيف ستشرح لهم إقصاءها في حقهم، وكيف سينظرون لتلك المعاملة الاحتقارية.
دون أن نتحدث عن تجربة الجميع في حرب الجبهة الأولى ، وما صاحبها من إخلال بالمبادئ وخيانة الرفاق ، وتصفية الأصدقاء في الميدان لحسابات شخصية، وقبلية، خاصة مع إعلان وقف إطلاق النار، وما تلاه من تصفيات جسدية لتمهيد الطريق لحكم البعض دون البعض، وهي مآسي لا زال يستحضرها الصحراويون من ذكرياتهم المرة مع القيادة.
#منتدى_فورساتين