79 بالمائة من المعنفات جنسيا بالمغرب أصبحن مضطربات نفسيا

الكاتب : الجريدة24

26 نوفمبر 2020 - 11:00
الخط :

كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن النتائج المتعلقة بالتكلفة الاجتماعية للعنف ضد النساء والفتيات اعتمادا على البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال الذي تم إنجازه بدعم من منظمة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب خلال الفترة الممتدة بين فبراير ويوليوز 2019.

من المرجح أن يكون للعنف ضد المرأة عواقب وخيمة مباشرة وغير مباشرة على صحة الضحايا وعلى رفاههم الجسدي والمعنوي والاجتماعي.

كما يمكن أن تكون آثاره، الجسدية و النفسية ، ضارة بنوعية حياتهم، وأن تؤثر على أنشطتهم الاجتماعية والمهنية. وعلاوة على تجربة العنف على المستوى الشخصي، يمكن أن يكون له تداعيات وآثار ضارة على أطفال الضحايا وعلى أسرهم وعلى المجتمع ككل.

همت دراسة التكلفة الاجتماعية للعنف، الفتيات والنساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 74 سنة ، واللواتي صرحن بتعرضهن لتجارب من العنف الجسدي أو الجنسي خلال  الـ 12 شهرا الماضية. كما تم تقدير هذه التكلفة وفقًا للفضاء الذي يمارس فيه العنف، سواء كان مع الشريك أو مع العائلة أو في مكان العمل أو الدراسة أو في الأماكن العامة.

في إطار العلاقة مع الشريك ، تعرضت 25% من ضحايا العنف الجسدي و 10% من ضحايا العنف الجنسي لإصابات و مشاكل نفسية نتيجة أشد حدث عنف جسدي أو جنسي تعرضت له خلال 12 شهرا الأخيرة.

من بين هؤلاء الضحايا ، 60,2% صرحن بإصابتهن باضطرابات نفسية عند تعرضهن للعنف الجسدي و 79% عند تعرضهن للعنف الجنسي. العواقب النفسية الأكثر شيوعاً للعنف الجسدي والجنسي هي الشعور بالتوتر والإحباط والقلق (24% في حالات العنف الجسدي و 18% في حالات العنف الجنسي) ، اضطرابات النوم (16% و 17%). ) الشعور بإرهاق دائم (15% و 16%).

في حالة العنف الجسدي ، تعرضت هؤلاء النساء لخدوش وكدمات (52,2%) ، التواءات وخلع (11,2%) ، شقوق عميقة وإصابات خطيرة (5,5%) ، إصابات في طبلة الأذن أو العيون (5%) ، كسر أو تشقق العظام (5,2%) ، كسر الأسنان (4,9%). وفي حالات العنف الجنسي ، عانت الضحايا في الغالب من إصابات وتمزقات في الأعضاء التناسلية (13,6%) ونزيف (11,7%) وأمراض متنقلة جنسيا (9%) وإصابات وكدمات ( 6,6%) وكذلك حالات الحمل غير المرغوب فيه (3,5%).

من جهة أخرى، فإن العنف الممارس في الأماكن العامة، له أيضًا آثار وخيمة على الصحة الجسدية والنفسية للضحايا، وفي هذا السياق، تعاني النساء من اضطرابات نفسية (34,3% عند التعرض للعنف الجسدي و 79,1% عند التعرض للاعتداء الجنسي) و مشاكل جسدية متعددة، بما في ذلك الكدمات والخدوش (63,7% في حالة العنف الجسدي و 20,5% في حالة الاعتداء الجنسي).

للعنف الجسدي و الجنسي في إطار العلاقة مع الشريك تداعيات سلبية ليس فقط على صحة الضحية ومحيطها، ولكن أيضًا على أنشطتها الاجتماعية والمهنية، ولا سيما من خلال التغيب عن العمل وعلى مختلف جوانب العلاقات الاجتماعية، إذ أن التغيب عن العمل ، سواء من طرف الضحية أو من طرف الزوج مرتكب العنف ، له آثار سلبية على الأسرة من حيث الخسارة المحتملة للدخل وعلى المجتمع من حيث نقص الإنتاجية. وقد أجبرت 14,3% من النساء النشيطات المشتغلات ضحايا العنف على التغيب عن العمل بعد أشد حدث عنف جسدي تعرضت له خلال 12  شهرا الماضية، إذ بلغ متوسط أيام الغياب عن العمل بالنسبة  للنشيطات المشغلات ضحايا هذا العنف 14 يوم عمل في السنة.

بالإضافة إلى الفضاء الزوجي، يعتبر التغيب عن العمل بين النساء النشيطات المشتغلات ضحايا العنف الجسدي في الأماكن العامة ظاهرة متكررة إلى حد ما (29,8%). ويبلغ متوسط عدد أيام العمل الضائعة لهؤلاء النساء ضحايا العنف الجسدي في الأماكن العامة 8 أيام في السنة.

أما بالنسبة للآثار المباشرة للعنف الذي تتعرض له النساء أثناء ممارستهن لنشاط مهني، فقد أظهر البحث أن ردود أفعال الضحايا بعد تعرضهن للعنف الجسدي أو الجنسي تتجاوز التغيب عن العمل، حيث تؤثر تجربة العنف سلبا على مردودية  الضحايا والتزاماتهن الاجتماعية والمهنية (تغيير أو التخلي عن الشغل) وكذلك على رفاههن النفسي والاجتماعي ورفاهية من حولهن. وهكذا فإن أكثر من نصف ضحايا العنف الجسدي و/أو الجنسي، في سياق نشاطهن المهني، صرحن بانخفاض في مردودية عملهن (53%) ؛ وحوالي 40% منهن اضطررن إلى تغيير عملهن ؛ بينما غادرت 7% من الضحايا سوق الشغل كليًا.

اضطراب وتيرة حياة الضحايا وحياة أسرهن نتيجة العنف الزوجي

بالإضافة لما سبق، ولكون المرأة ضحية اعتداء جسدي و/أو جنسي في إطار العلاقة الزوجية، فإنها تضطر أحيانا إلى التوقف عن القيام بالتزاماتها الأسرية، ولا سيما رعاية أفراد أسرتها أو رعاية نفسها وكذلك القيام ببعض الأشغال المنزلية. وقد لوحظ هذا الوضع بالفعل بين أكثر من 8 ضحايا من أصل 100 نتيجة أشد حدث عنف جسدي تعرضن له، وكذلك بين 3% من ضحايا العنف الجنسي. ويمكن لهذا الاضطراب في المسار الطبيعي للحياة الأسرية أن يصل إلى مستويات أكثر حدة عندما تلجأ الضحية إلى مغادرة المنزل هربا من العنف. وهكذا، غادرت 16 % من النساء الضحايا بيت الزوجية إثر أشد حدث عنف جسدي تعرضن له و3,5 % إثر أشد حدث عنف جنسي. وتلجأ هؤلاء الضحايا بالأساس إلى الإيواء عند الوالدين أو العائلة المقربة (94 % في حالات العنف الجسدي و80 % في حالات العنف الجنسي).

إن مغادرة المنزل نتيجة العنف لا يؤثر فقط على استقرار الأسرة الذي يعتبر أمرا بالغ الأهمية للنمو النفسي والاجتماعي للأطفال، بل يؤثر كذلك على استقرار الأفراد والأسر التي لجأن إليهم ضحايا العنف والذين يشكلون لهن مصدر دعم غيرمنظم إذ تتأثر كذلك حياتهم اليومية ونوعيتها.

يؤثر العنف ضد النساء بشكل عام والعنف الزوجي بشكل خاص كذلك على مستوى معيشة النساء أو أسرهن، بحيث أنه غالبا ما يترتب عنه نفقات إضافية تشكل عبئا زائدا على ميزانية الأسرة، خصوصا عند لجوء ضحية العنف و/أو شريكها إلى العلاجات الطبية، لجوءها إلى الخدمات القانونية في حالة متابعة مرتكب العنف أو تعويض و إصلاح الممتلكات التي تم إتلافها أو التنقل أو الإيواء.

ومن بين الضحايا اللواتي عانين من مشاكل صحية إثر أشد حدث عنف جسدي تعرضن له خلال 12 شهرا الماضية، 48% منهن لجأن إلى أحد مقدمي الخدمات الصحية (طبيب، إطار شبه طبي...)، وتبلغ هذه النسبة 40 % في حالة أشد حدث عنف جنسي. وأما بالنسبة للنساء ضحايا العنف في الأماكن العامة واللواتي واجهن مشاكل صحية ولجأن إلى الخدمات الصحية، فتصل نسبهن إلى حوالي 60 % في حالة العنف الجسدي و 20 % في حالة العنف الجنسي.

بالإضافة إلى النفقات المتعلقة بالمشاكل الصحية، فإن 7 % من النساء ضحايا العنف الجسدي و 2 % من ضحايا العنف الجنسي في الإطار الزوجي قد تقدمن بشكاية أو اتخذن إجراءات قانونية بعد أشد حدث عنف جسدي أو جنسي. وتسجل هذه النسب مستويات أعلى عندما يتعلق الأمر بالعنف في الوسط غير الزوجي (22% و 3,3% على التوالي).

ولقد شهدت أكثر من 9% من النساء ضحايا العنف الزوجي إتلاف ممتلكات شخصية أو منزلية عقب أشد حدث عنف جسدي، حيث كان على 37,5% من الضحايا تعويضها أو إصلاحها.

إن التعرض للعنف الزوجي ليس بظاهرة معزولة حيث يؤثر على عدد كبير من أطفال الضحايا. ويمكن أن تتسبب تجربة العنف هذه، على المدى المتوسط والبعيد، في مشاكل صحية جسدية وعقلية وفي  اضطرابات معرفية (مشاكل في التركيز) أو مشاكل دراسية (تأخر أو فشل). حيث تظهر نتائج البحث أن العنف الزوجي له تداعيات خطيرة على صحة الأطفال ونموهم النفسي والاجتماعي. وهكذا، فقد صرحت حوالي 16% من النساء ضحايا العنف الزوجي أن أطفالهن ، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 18 سنة ، يعانون من مشاكل صحية ، خاصة ذات طبيعة نفسية وسلوكية. وحسب نوع المشكلة التي يعاني منها أطفالهن، صرحت 40,4 % من النساء ضحايا العنف الزوجي بمشكلة العزلة والحزن، و32,4% منهن بنوبات القلق أو الصرع و21,5% بالكوابيس و22,4% بالتبول اللاإرادي.

بالإضافة إلى المشاكل الصحية، يعاني الأطفال أيضًا من اضطرابات معرفية وسلوكية: التراجع الدراسي بالنسبة لـ 22,5% من الضحايا ، والعنف والعدوان بالنسبة  ل18,9% ،و التخلي عن الدراسة بالنسبة ل 7%، والانحراف بالنسبة ل 2,3% والهروب حسب 1% منهن. ومن جهة ثانية، وإثر أشد حدث عنف جسدي من طرف الشريك خلال الـ 12 شهرًا الماضية، ذكرت 8,1% من الضحايا  أن أطفالهن اضطروا للتغيب عن الدراسة.

بالإضافة إلى آثاره المباشرة على الأطفال، يؤثر العنف الزوجي بالتأكيد على جودة العلاقة بين الأم والطفل، مما يزيد من حدة محنة هذا الأخير. خاصة وأن الأم الضحية تصبح أقل استعدادًا للاستجابة لاحتياجات ومتطلبات الطفل في الوقت الذي يواجه فيها هذا الأخير صعوبات كبيرة تتطلب مزيدًا من الدعم.

هؤلاء الأطفال الذين عايشوا العنف الزوجي هم أكثر عرضة لإعادة إنتاج النمط الأبوي وعيش علاقات حميمة تتسم بالعنف بمجرد بلوغهم سن الرشد، إذ أظهرت نتائج البحث أن معدل انتشار العنف مرتفع بشكل خاص بين النساء اللواتي عاش شريكهن في بيئة تتسم بالعنف الزوجي (73%) مقارنة بالنساء اللواتي لم يتعرض شركاؤهن لهذا العنف (45,1%).

آخر الأخبار