المتعاقدون..هل تريد العدل والإحسان تحويلهم إلى وقود "قومتها" المجهضة ؟

الكاتب : الجريدة24

07 أبريل 2021 - 03:00
الخط :

بدت المشاهد التي تناقلتها أمس مواقع التواصل الاجتماعي، لأساتذة التعاقد وهم يواجهون باستماتة عناصر حفظ النظام بالرباط للتعبير عن مطلبهم بالإدماج الكلي في الوظيفة العمومية، مثل بروفة مصغرة من قبل "جهة راعية" لهذه الاحتجاجات لاختبار مدى قوتها لإرباك من تواجهه.

الاستماتة التي عبر عنها أساتذة "الكونطرا" سواء من حيث القدرة على الحشد والتظاهر والوقوف وجها لوجه أمام قوات حفظ النظام العام، لا تتناسب وطبيعة المطالب المعبر عنها، التي تبقى خاضعة لمنطق التفاوض.

المواكب لتاريخ الاحتجاجات المطلبية بالمغرب، يدرك جيدا أن  شيئا ما خلف أكمة الاحتجاجات الأخيرة للمتعاقدين..ذلك انه لا يتصور أن حركة احتجاجية معينة حديثة النشأة يمكن لها بقفزة واحدة أن تحوز أضعاف ما راكمته النقابات المغربية التاريخية بعد عقود من النضال.

لم يعد خافيا أن احتجاجات أساتذة "الكونطرا" يرعاها ويتولاها بشكل أساسي تنظيمي العدل والإحسان والنهج الديمقراطي، الذين كانا أحد أعمدة حركة 20 فبراير التي حلت نفسها، بعد فشلها في نسخ تجربة ما حدث بعدة دول عربية في 2011.

الكل يتذكر كيف كانت تبشر العدل والإحسان المحظورة بمشروع "القومة" اي الثورة ، حتى أن مرشدها الراحل عبد السلام ياسين وضع سقفا زمنيا سنة 2006 لحدوثها من خلال رؤيا منام كانوا يتداولونها داخل الجماعة، حيث كانت النكبة أن تلك السنة مرت دون أن يحدث شيء مما كانت تتوقعه الجماعة في المغرب.

انتبه مرشد الجماعة الراحل، أن تنظيمه الفتي بعيد المنال عن تحقيق مطالبه ما لم ينخرط في الحركات الاحتجاجية المطلبية، التي كانت علامة مسجلة باسم تنظيمات اليسار.

أول محاولة قامت بها الجماعة للالتحاق بالحركات الاحتجاجية ذات المطالب الاجتماعية، كانت سنة 2007، السنة التي عرفت احتجاجات تنسيقيات غلاء الأسعار، التي كانت يسارية مائة بالمائة.

الغريب أن النهج الديمقراطي حليف الجماعة حاليا، كان أبرز معارضي التحاق الجماعة بتلك التنسيقيات، وتم طرد ممثليها من داخل مقر النهج بالدار البيضاء.

بدلت الجماعة بعد ذلك مساعي كبيرة لتذويب جليد الخلاف بينها وبين مكونات اليسار الراديكالي، على خلفية الصراعات الدموية التي عاشتها الجامعات المغربية بين فصيلها الطلابي مع باقي المكونات اليسارية في تسعينيات القرن الماضي.

في مطلع سنة 2011 ، ومع تصاعد الحراك العربي، سيحدث اختراق كبير في المواقف بين مكونات اليسار الراديكالي، والجماعة، كان للراحل عبد المومن الشباري القيادي في تنظيم النهج الديمقراطي فضل كبير في حدوثه.

لم يعد الفيتو يرفع في وجه الجماعة وهي تجلس جنبا الى جنب مع مكونات اليسار سواء في مقرات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط او مقر الاشتراكي الموحد بالبيضاء.

وضعت الجماعة رهن متعهدي الاحتجاجات المطلبية لوجستيك متكامل لانطلاق تظاهرات حركة 20 فبراير، وكان لها دور كبير في بروز ظاهرة ما عرف بقيادات "الهوندا" أي تلك العناصر الشبابية المغمورة وسط اليسار التي سطع نجمها بصعودها إلى "الهوندات" إلتي توفرها الجماعة و وتقوم بترديد شعارات حركة 20 فبراير.

حتى عندما انسحبت الجماعة بعد فوز البيجيدي في انتخابات 2011 وصعود نجم بن كيران الذي غطى على مرشد الجماعة الراحل عبد السلام ياسين، بقي اللوجستيك الذي وفرته الجماعة لحركة 20 فبراير في عهدة هذه الأخيرة إلى أن آفل نجمها بشكل كامل.

أدركت الجماعة أن مفعول حركة 20 فبراير، قد استنفذ لكنها استفادت من شحنة ذلك الحراك، وفي عهد حكومة بنكيران الأولى كان لها دور كبير في احتجاجات ساكنة طنجة ضد الشركة لاسبانية امانديس.

لكن بنكيران بدهائه الخاص أبطل مفعول تلك الاحتجاجات حيث عقد على عجل رفقة وزير الداخلية الأسبق محمد حصاد، لقاء موسعا مع مسؤولي المدينة توج بامتصاص غضبة الطنجاويين.

الجماعة واصلت ركوبها على المطالب الاجتماعية، حيث يذكر في هذا الصدد وقوفها وراء احتجاجات طلبة الطب، قبل ان يستقر بها المطاف لتكون، الكتلة المخفية لاحتجاجات الحسيمة، التي كان قربانها الزفزافي وباقي رفاقه.

لكن يبدو أن ملف المتعاقدين وجدت فيه الجماعة، ما لم يتنسى لها في باقي الملفات السابقة، فهو ملف مطلبي دسم ومعقد، خاصة وانه يهم أزيد من 80 ألف أستاذ متعاقد وهو عدد كافي لتستعمله الجماعة كبروفة للاحتجاجات والضغط به على الدولة.

يكفي هنا الإشارة هنا إلى التدوينة التي عممها رئيس ما يسمى بمجلس شورى الجماعة عبد الكريم العلمي، الرجل النافذ داخل التنظيم، بخصوص الاحتكاك الكبير الذي حدث أمس بين المتعاقدين وقوات حفظ النظام.

وهي تدوينة تكشف مدى انغماس الجماعة ورهانها على ملف المتعاقدين لتغيير"قواعد الاشتباك" مع الدولة.

آخر الأخبار