الأسباب الخفية للخلاف المغربي الألماني !

الكاتب : الجريدة24

11 مايو 2021 - 01:00
الخط :

هشام رماح

خرجت ألمانيا، التي كانت تشتهر بالكياسة الدبلوماسية، عن طورها حتى أثارت حفيظة المغرب الذي وقف لها ندا قويا ورد على عدائيتها بكل حزم وصرامة من خلال تعليق تعاملاته معها واستدعاء سفيرة المملكة في برلين للتشاور.

فما الذي جعل الخلاف ينشب بين البلدين؟

اللعب بالإعلام والإرهاب

كما للخلاف المغربي الألماني تمظهرات عديدة فإن له مسببات خفية، لكن نذائر الشقاق بين البلدين استُشعرت من قبل وبالضبط منذ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها بمغربية الصحراء، ومنذ سلطت ألمانيا قناتها "DW" "دويشته فيله" لمهاجمة المغرب بمناسبة أو بدونها، وقررت اللعب بورقة الإرهابي "محمد حاجب".

وعلى غير عادتها، وخلافا لشعاراتها، لم تدخر القناة الألمانية جهدا لمحاولة تشويه المغرب والضرب في مؤسساته بكل عشوائية وفي غياب أي دقة او تحرٍّ للأخلاقيات التي تفرضها صاحبة الجلالة، لتعلن بذلك حربا إعلامية شعواء تروم النيل من المغرب أولا وأخيرا.

كذلك استعملت ألمانيا ورقة الإرهابي "محمد حاجب" لإغاظة المغرب وسمحت له بالدعوة مرارا وتكرارا لتنفيذ أعمال إرهابية في المملكة دون أن تبادر الحكومة الفيدرالية إلى ما هو معتاد من قبل الحكومات التي تحترم نفسها والتي تكافح ظاهرة الإرهاب.

ولم تسد السلطات الألمانية الطريق على "محمد حاجب"، وتركته يطلق الكلام على عواهنه تحت ناظريها وجعلته يرتع في بلاد "آنجيلا ميركل" ويجوبها عرضا وطولا وهو يعلن مواجهته لبلده الأم بوجه سافر وبادعاءات وافتراءات صارخة.

لكن ما الذي جعل ألمانيا، تتخلى عن ضبط النفس وتؤتي صبيانية غير معهودة تنم عن عدائية غير مسبوقة تجاه المملكة الشريفة رغم سجل الصداقة التي جمعت بينهما قبلا؟

الأسباب الخفية للخلاف

نشرة "Maghreb Intelligence" المغاربية نبشت وراء جواب لهذا السؤال، وأفادت نقلا عن "مصادر مطلعة" بأن ألمانيا التي ظلت تراقب عن كثب وعلى مدى العقدين الماضيين الازدهار الاقتصادي للمغرب، لم تستطع أن تحصل لنفسها على قطعة من "الكعكة المغربية"، وهو ما خلف لديها غصة تحولت لحقد وعداء مفضوحين.

النشرة أوردت بأن ألمانيا بحثت جاهدة لشركاتها على عقود لها في المغرب حتى تستفيد من المغرب كبلد رائد إقليميا تحول في ظرف قياسي إلى بوابة رئيسية تفضي إلى قلب القارة الإفريقية.. قارة المستقبل التي تحتفظ بفرص قل نظيرها في باقي العالم المُستنزف حتى آخر رمق.

وغاظ ألمانيا كثيرا عدم استطاعته إيجاد موطيء قدم لها في مشاريع عدة من قبيل خط القطار السريع "LGV" وفشلها في الظفر بصفقات مع المملكة خاصة في مجال الطاقات المتجددة التي تتبجح بكونها رائدة فيه عالميا، وهو ما جعل ألمانيا تحاول الضغط على المغرب بأوراق عدة حتى يستكين لها ويرضخ لرغبتها في نصيب لها بالمغرب.

هذا الأمر يحيل على ما وصفته مصادر "Maghreb Intelligence" التي تحدثت عن محاولة ألمانيا لابتزاز المغرب اقتصاديا، وقد أحالت على أن الحكومة الفيدرالية سبق واشتكت مما وصفتها بـ"المنافسة غير العادلة" بين الألمان والفرنسيين في مشارع مثل "LGV" الذي أنجزها حفدة "موليير".

مصير الخلاف البيني

الخلاف بين البلدين استفحل بعدما فطنت المملكة الشريفة لمحركات العداء الألماني، وهي تعاين محاولة الحكومة الفيدرالية هناك تصريف بعض مواقفها تجاه المغرب عبر سعيها لتحييده من الملف الليبي مستهل العام الماضي، وإدارة ظهرها للمملكة في حربها على الإرهاب عبر احتضان "محمد حاجب" وإطلاقه للخروج عبر فيديوهات بعد ذلك.

لكن هذه التنطعات الألمانية لم تجد لها صدى في المملكة قبل أن ينكشف سوء سريرة الألمان مباشرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، اعترافه بسيادة المغرب على صحرائه، ودعوة ألمانيا لاجتماع طاريء لمجلس الأمن لمناقشة التمر وهو الخطوة التي كشفت حجم العداء الألماني للمغرب.

التصرفات اللا ودية للألمان جعلت المغرب ينزل إلى ساحة الوغى بأوراق مكشوفة وليسمي الأشياء بمسمياتها بعيدا عن المراوغة، متخذا خطوات حاسمة وحازمة لوقف التنطع الألماني وإرجاع الحكومة الفيدرالية إل مكانها الذي تستحقه، لكن الوضوح المغربي قوبل بغموض الماني وارتداء لبوس المغفل الذي لا يدري كيف استفحل الأمر وبلغ هذا المدى.

ووفق "Maghreb Intelligence" فإن الألمان بمحاولتهم شد الحبل مع المغرب خسروا الكثير اقتصاديا وفي حربهم على الإرهاب، وهم الذين تهجمت أبواقهم الإعلامية على عبد اللطيف الحموشي، رئيس مديرية مراقبة التراب الوطني الذي حصد الإعجاب من موسكو حتى واشنطن وقد شهدت له أعتى الأجهزة بالكفاءة والمهنية وحسن التعاون لمحاصرة الإرهابيين متى وأين ما تعينوا.

ولعل من سخرية القدر ما حدث للألمان قبل نحو خمس سنوات حينما سبق لأجهزة المخابرات المغربية تنبيه "دائرة الخدمات الفيدرالية الألمانية" (BND) من الإرهابي التونسي أنيس عمري، في 19 دجنبر 2016، قبل تنفيذه عملية دهس أحد الأسواق تزامنا والاحتفالات بعيد ٍاس السنة، دون أن تبالي بذلك عجرفة منها لينفذ مجزرة أودت بـ12 شخصا وجرحى كثر.

هذا التنبيه المغربي الذي جرى تجاهله كلف الحكومة الألمانية كثيرا وجعل أجهزة مخابراتها في "كوليماتور" المعارضة في "الـ"بوندستاغ"، وهو ما ولَّد المزيد من الأحقاد تجاه المغرب بعدما أخفقت بلاد "ميركل" في تقدير المملكة الشريفة.

آخر الأخبار