كيف تحول الإنترنت من صناعة حربية إلى وسيلة مدنية ؟

الكاتب : الجريدة24

15 مايو 2021 - 05:00
الخط :

حرب طاحنة على الشبكة العنكبوتية، شبيهة بالهالة التي تم إطلاقها غداة نهاية عام 1999، والتي سميت ببقة 2000 حينها تم تصوير المشهد من قبل شركات البرامج الالكترونية أن نهاية العالم باتت وشيكة نتيجة الأخطاء التي يمكن أن تقع فيها الأنظمة المعلوماتية.

مر العالم بسلام إلى سنة 2000 لكن بعد مرور 13 سنة، واتساع دائرة المستعملين للشبكة العنكبوتية على مستوى العالم العربي، ستنشب حروب من الدعاية والدعاية المضادة في سباق محموم بين الأنظمة الحاكمة في هذه البلدان والمنادين بالتغيير.

الحروب الالكترونية

هي ركن من أركان الحرب النفسية، قد تسبق الحروب وقد تتبعها، وهو فن قديم من تقنيات الحرب وقد استعمل هذه التقنية التجار الصينيون في عهد الحضارة الصينية الأولى، وهي تهدف إلى إضعاف الخصم وضرب معنوياته وتكسير دعامة إرادته الشعبية. وقد سميت الدعاية بقلب الحرب من كسبها كسب الحرب.

لكن الدعاية الحربية لم تبرز بشكلها الحديث سوى مع الحرب العالمية الثانية أوائل القرن الماضي عندما أنشأت انجلترى إذاعة البي بي سي وكانت تبث على الأثير بلغات متعددة واجهها هتلر بدعاية مضادة متطورة  إلا أن الانجليز كانت لهم الغلبة نظرا لتواجدهم في أقطار مختلفة من العالم.

كما استعملت فرنسا هذه التقنية في حربها الاستعمارية بكل من إفريقيا وباقي مستعمراتها. ولم تكن الدعاية توجه فقط عبر أمواج الأثير بل كانت تستعمل المناشير والتسريبات المختلفة.

يعتبر الانترنت صناعة حربية اكتشفته المختبرات العسكرية الأمريكية سنة 1947 واستعملته في حروبها الباردة والساخنة وكانت من بين أحد الأسرار العسكرية الأمريكية إلى غاية سنة 1965 حيث أصبحت صناعة مفتوحة للجميع وأصبحت فاعلا أساسيا في السياسة الدولية بل بسببها أسقطت أنظمة ولازال بعضها يتساقط.

وقد كان لهده الوسيلة دورا مركزيا في الانتفاضة الشعبية التي عرفتها الجزائر سنة 1988  والتي كان من بين نتائجها التعددية الحزبية واعتماد نمط اقتصاد السوق إلا أن الانقلاب العسكري الذي حصل في هذا البلد سنة 1992 وخوف الغرب من صعود الإسلاميين إلى الحكم وغياب الفضائيات المستقلة  أجهض ما سمي حينها بالشتاء العربي الذي دشنه الشعب الجزائري.

ومع الربيع العربي فقد كان لشبكات التواصل الاجتماعي خاصة الفيسبوك وتويتر دورا أساسيا في التعريف بالثورة التونسية حيث كانت الصورة المتداولة لمحمد البوعزيزي في هذه المواقع دورا أساسيا في اتساع نطاق الثورة التونسية.

حروب الدعاية

حروب الدعاية عبر الشبكة العنكبوتية تتخذ مظاهر مختلفة فهي تبتدئ من فبركة الصور وتضخيم المظاهرات والنفخ في إعدادها، والرفع من سقف الشعارات والتهويل من حجم بعض الأحداث، وتصوريها على أساس أنها اضطهاد جماعي لفئات واسعة من الناس، كما تقوم هذه الدعاية على بعث رسائل الكترونية لحشد المتظاهرين وتوجيهم نحو نقط معينة.

وتستند الدعاية أيضا على تسريب بعض المعلومات  وتوجيهها في قوالب معينة بهدف تشويه صورة الخصم.

الدعاية كانت دائما مرافقة للإعلام، وهناك، خاصة في ظروف الأزمات، ميل إلى تكثيف البروباغاندا.

وللدعاية أوجه عديدة، وهي تستهدف جملة من الفئات والشرائح، وغايتها الأساس تحقيق الانتصار والغلبة لفكرة أو مذهب أو إيديولوجيا، كما قد تستغل من طرف الأنظمة، والأحزاب والتنظيمات المختلفة، ومن طرف اليمين كما اليسار، ومن المحافظين كما التقدميين، ومن الأشخاص المعنويين كما العينيين.

إلا أن ما يميز الدعاية الإلكترونية اليوم، هو سهولة استعمالها، وانتشارها الواسع والآني، وتكاثفها اللامنتهي عبر التداول التشابكي، وأكثر من ذلك توظيف المجهولية أي التنكر والتستر تحت أسماء مستعارة من أجل تطعيم الدعاية.

 أنواع الدعاية

الدعاية أنواع، لكن عموما يمكن فرز الدعاية السلبية وتعني تلك الموجهة ضد الآخر وهي دعاية تشهيرية، والدعاية الإيجابية وهي التي تدافع عن الجهة التي تقوم بها وهي دعاية إشهارية، والدعاية المباشرة، وغير المباشرة، والدعاية المركزة زمنيا والدعاية المسترسلة، وقد تكون هناك حملات دعائية، أو سياسة دعاية موصولة، وهناك دعاية هجومية وأخرى دفاعية،. وتقسم الدعاية بالنظر إلى مجالاتها وظروفها وأهدافها ووسائلها. وكل أصناف الدعاية تصب في اتجاه خلق واقع نفس-اجتماعي لدى الرأي العام تستفيد منه الجهة التي تقوم بالدعاية

وتلعب عولمة المعلومات دورا كبيرا في هذا الاتجاه، لأن الإنسان العربي اليوم يشعر، بقدر ما يعيش أثيريا أجواء الديمقراطية عبر الفضائيات والإنترنت، بالانتكاس حين يقارن وضعيته بأوضاع الآخرين في الدول الديمقراطية.

آخر الأخبار