خبير في العلاقات الدولية: اسبانيا قامت بإخفاء غالي بحجج لا ترقى لحجم جرائمه وهو ضرب لجوهر الاتفاقيات الدولية

أثارت قضية دخول زعيم ميليشيات “البوليساريو” المدعو إبراهيم غالي، بهوية مزورة إلى إسبانيا، تساؤلات الرأي العام الوطني حول الأسباب التي دفعت مدريد للتكتم على ذلك ودفعها بمبررات غير مفهومة.
وفي هذا الصدد، قال الأكاديمي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والمحلل السياسي عتيق السعيد، في تصريح للجريدة 24، أن إقدام الحكومة الإسبانية على استضافة إبراهيم غالي زعيم جبهة “البوليساريو” بأوراق مزورة على التراب الإسباني، في تجاهل تام للمملكة المغربية، بالرغم من اعتباره موضوع متابعات قضائية في إسبانيا بتورطه بجرائم خطيرة ضد الإنسانية، من بينها ممارسة الاغتصاب، والإرهاب، والاختطاف، وبالإضافة إلى اعلانه الحرب على المغرب، وعدم احترام لمبدأ اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، يعد في طابعه القانوني إهمالا للقانون الدولي الإنساني و ضرب في جوهر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب.
وأكد السعيد، أن قرار إسبانيا باستضافة زعيم البوليساريو يسيء بشكل جدي للتعاون الثنائي المغربي الإسباني على عدة مستويات سياسيا، اقتصاديا، تجاريا، إنسانيا وأمنيا، بكون أن المغرب كان دائما منفتحا خدوما لديمومة التعاون في جميع المجالات وكان من المفروض أن ينال موقعا يمكنه من أن يكون شريكا يجسد لعلاقة تفاعلية مبنية على أساس الند للند ومبدأ رابح رابح، غير أن هذا القرار الذي يعتبر أحادي الجانب يكشف مزاجية ردود الفعل للحكومة الإسبانية و يجعلها من منظور سياستها علاقة انتقائية تتسم بالاهتمام فقط بقضاياها كالهجرة أو ردع الإرهاب، في حين تتراجع بشكل فجائي وغير مبرر عندما يتعلق الأمر بقضايا المغرب، وتصبح مواقفها ضبابية ملفوفة برداء العداء.
وأضاف المحلل السياسي، أن إسبانيا بفعلها غير المبرر بمنطق القانون والتشريعات الجنائية برهنت بشكل فاضح تعمدها الممنهج الإساءة للمملكة بإدخال إبراهيم غالي فوق أراضيها بهوية جزائرية مزورة تحت مسمى “محمد بن بطوش” دون إخطار المغرب، وهذا يكشف مؤامرة السلطات الإسبانية ضد المملكة والمشاركة في عملية تزوير الوثائق للسماح له بالتنقل الدولي، وما عرى دسائسها أمام المنتظم الدولي لتضرب حقوق الضحايا المشروعة للتقاضي و الإنصاف في عرض الحائط، وإخفائه بحجج لا ترقى لحجم جرائمه المرتكبة، وبهذا التصرف غير القانوني تضع إسبانيا نفسها أمام حالة من العبث الأمني بالقارة الأوروبية.
وأبرز المتحدث ذاته، أن المغرب بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس بات قوة إقليمية وقارية مشهود لأجهزته الأمنية بالريادة والنجاعة على المستوى الإقليمي والدولي، نالت بما تستحق مكانتها المرموقة والمحترمة في الساحة الدولية بسبب الوفاء بتعهداتها ودقة معلوماتها، وهو ما جعلها حريصة على مد يد العون لدول الاتحاد الأوروبي في مجال تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، وبالتالي قرار إسبانيا احتضان إبراهيم غالي يعتبر موقفا متعارضا بشكل كبير مع جوهر علاقة الشراكة والتعاون الأمني مع المغرب.
وتابع عتيق السعيد، قائلا إن الوضع المتقدم للمغرب مع دول الاتحاد الأوروبي يعد سابقة في مسار نشأة الاتحاد، ومنه شكل اعترفا بجهود المغرب من جهة، ومن جهة أخرى تتويجا فريدا للعلاقات الثنائية المتميزة التي أسسها جلالة الملك، والرقي بها نموذجا رائدا للتعاون المتوسطي بين دول الشمال والجنوب، ويبدو أن إسبانيا لم تدرك بعد مكانة المغرب وقيمته المتعددة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الكثير من القضايا الاستراتيجية، فهي الآن الخاسر الأكبر لأن المغرب قوي بموقعه وبما يقدمه لشركائه الرئيسيين.
وشدد الباحث الأكاديمي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن جلالة الملك قدم هندسة رائدة متعددة الأبعاد في مجال الهجرة، وتراعي البعد الحقوقي والجوانب الإنسانية كما ترتكز في جوهرها على المقاربة الإدماجة، المبنية على مبادئ كونية حقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدولية، لكن في المقابل نجد إسبانيا تنهج سياسة الاتكالية على المملكة في محاربة الهجرة غير الشرعية وهو ما يجعل بلادنا ترفض أن تقوم بدور “دركي الهجرة” لحماية الحدود.