عبدالنبوي: عمليات غَسل الأموال تقارب مليونين و200 الف مليار

الكاتب : الجريدة24

29 نوفمبر 2021 - 11:30
الخط :

قال محمد عبد النبوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية  في افتتاح الدورة التكوينية حول تعزيز قدرات القضاة في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال، إن التأسيس لثقافة مكافحة غسل الأموال في بلدنا يتم وفق مقاربة تشاركية وتراكمية تنم عن دينامية حيوية تستجيب للمتطلبات الدولية مع مراعاة الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لبلادنا. ولعل هذه الرؤية التدريجية المتبصرة والمتفاعلة مع توصيات فريق العمل المالي، هي التي شكلت خلفية لمختلف التعديلات القانونية الموضوعية والشكلية التي أدخلت على قوانين مكافحة غسيل الأموال.

مضيفا ان ملاءمة التشريع المغربي مع توصيات مجموعة العمل المالي والمعايير الدولية المنظمة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر إدخال تعديلات على مقتضيات القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، بموجب القانون رقم 12.18 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 8 يونيو 2021،  يشكل مناسبة سانحة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية للاضطلاع بدوره التأطيري والتكويني للقضاة المعنيين بتطبيق هذا القانون.

لاسيما بعدما تم توسيع دائرة الاختصاص المحلي للمتابعة والتحقيق والمحاكمة عن جرائم غسل الأموال، لتشمل إلى جانب المحكمة الابتدائية بالرباط، كلاًّ من محاكم الدار البيضاء ومراكش وفاس. وهو ما سيؤدي بلا شك إلى مزيد من النجاعة الأمنية والقضائية في مكافحة أشكال غسل الأموال، وحماية الاقتصاد الوطني والحفاظ على نظافة الدورة الاقتصادية للمملكة.

وتأتي هذه الدورة التكوينية لأجل تجديد معارف القضاة المكلفين بقضايا غسل الأموال من جهة. وكذلك لدعم قدرات قضاة آخرين كُلِّفوا بالمحاكم التي استُحدِث بها هذا الاختصاص، للنظر في قضايا غسل الأموال. والذين سيشرعُون ابتداء من فاتح يناير 2022 في مباشرة الاضطلاع بتلك القضايا. وذلك في المحكمة الابتدائية بمراكش بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بكل من مراكش وآسفي وورزازات وأكادير وكلميم والعيون. وبالمحكمة الابتدائية بفاس، بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بكل من فاس ومكناس والرشيدية وتازة والحسيمة والناضور ووجدة. وبالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بالدار البيضاء وسطات والجديدة وخريبكة وبني ملال.

في حين سيصبح اختصاص المحكمة الابتدائية بالرباط – المختصة وطنياً في الوقت الراهن – مقتصراً على دوائر نفوذ محاكم الاستئناف بالرباط والقنيطرة وطنجة وتطوان.

كما أنه ينتظر أن تَبصُم هذه الدورة، من خلال ورقتها التحضيرية ومحاورها التأطيرية ومداخلاتها العلمية ومشارب مؤطريها وخبرائها وتجربتهم العملية،  على حقيقة يحق لنا جميعاً أن نفخر بها، وهي مستوى الإرادة المسؤولة والنضج الفكري الذي وصل إليه التنسيق بين مختلف الفاعلين في المنظومة الوطنية لتنزيل خطة العمل الشاملة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

تُقدَّر عمليات غَسل الأموال بما يقارب 2200 مليار دولار، أي ما يعادل نسبة 3% من الناتج الخام الدولي (المقدر حوالي 85000 مليار دولار). وإن خطورة هذا الرقم تصبح أكثر دلالة إذا عرفنا أنها تقترب من الناتج الداخلي الخام لاقتصادات دول كبرى كالمملكة المتحدة (2828 مليار دولار) وفرنسا (2775 مليار دولار) والهند (20716 مليار دولار).

وتتجاوز الناتج الداخلي الخام لاقتصادات كبرى أخرى كإيطاليا (2072 مليار دولار) والبرازيل (1868 مليار دولار)، كندا (1711 مليار دولار)، روسيا (1619 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (1425 مليار دولار). كما أن رقم المعاملات العالمي عن طريق غسل الأموال (2200 مليار دولار) يعادل معدل الناتج الداخلي الفردي لحوالي 200 مليون فرد من سكان العالم.

وهو ما يكفي للقضاء على المجاعة بالعالم والتي يعاني منها حوالي 800 مليون شخص، يُتَوفى من بينهم 25000 شخص يومياً بسبب الجوع. بحيث إن اقتسامه بينهم يؤدي إلى حصول لكل واحد بين 800 مليون فقير على 230 دولاراً شهرياً، أي ثماني دولارات يوميا لكل فرد، وهو ما يكفي لمنع الموت بسبب الجوع.

وبذلك تظهر أهمية مكافحة غسل الأموال في العالم. ويتجلى كذلك سبب حرص السلطات المغربية على حماية الاقتصاد الوطني، ومنع اختراقه بعائدات الأنشطة الإجرامية وتداعيات ذلك على سمعة وشفافية ومصداقية المؤسسات الرسمية لدى الهيئات المالية الدولية .

ويتجلى هذا الحرص الوطني من خلال تبني المملكة لعدة تدابير إجرائية في مستويات متعددة تشريعية وتنظيمية وقضائية؛

وستتيح هذه الدورة التكوينية فرصة التعريف الشمولي بهذه التدابير ولاسميا :

تشريعياً : بالوقوف على القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية المؤطرة لجريمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتعديلات التي أدخلت عليها في سياق الاستجابة للمعاير الدولية المستجدة؛

وتنظيمياً : باستحضار مختلف المؤسسات المتدخلة في مراقبة الهيئات الخاضعة، وتلقي التصاريح بالاشتباه وتحليل معطياتها وإعطائها المآل المناسب؛

وقضائياً: باستعراض تقنيات الأبحاث والتحريات وخصوصيات التحقيقات والمحاكمات، على ضوء ما تراكم من ممارسات قضائية، ممتدة لأكثر من عقد في تطبيق المقتضيات القانونية الموضوعية والإجرائية على الوقائع الجرمية المشكلة لغسل الأموال.

آخر الأخبار