النظام الجزائري المارق السارق للتراث المغربي من أجل فك عقدة الهوية

هشام رماح
لو أردت فهم الحاضر فعليك بدراسة الماضي.. ولمعرفة أسباب الحمى التي تتملك رموز النظام العسكري وبعض الجزائريين من سعاة سرقة التراث المغربي، يلزم الرجوع دوما إلى الوراء.. إلى السنوات الغابرة.
العودة إلى الوراء تفيد بأن الجزائر مسكينة بلا ماض، وهي حقيقة يتقاسمها الجميع بما فيهم "إيمانويل ماكرون" الرئيس الفرنسي الذي سبق وندت عن فمه هكذا حقيقة أمام الجميع، ليتسبب في أزمة مع الجارة الشرقية للمملكة بعدما لم يتقبل حكامها ذلك.
وتكفي العودة للوراء للتأكد أن الجزائر لم تكن لها قائمة، وهي التي ظلت لقرون مقاطعة مغربية ثم إيالة من إيالات الإمبراطورية العثمانية، قبل أن تجتزأ من "الرجل المريض" لفائدة فرنسا التي استعمرتها لـ132 سنة، ما ولد في الجارة الشرقية هوية هجينة لا تدري إلى جهة تنتمي وإلى أي وجهة تبتغي.
لقد بلغ الألم بالنظام العسكري الجزائري مبلغه وذلك من الحقائق التي يدريها العالمين كونهم بلا تاريخ، فقرروا أول ما قرروا أن يسرقوا تاريخ الأمم العريقة والشعوب التي تجاورهم، وليس من هدف يستهدفونه أكثر من عدوهم الأزلي "المملكة الشريفة" المتغلغلة جذورها في عمق التاريخ.
الطاجين المغربي أصبح جزائريا، والكسكس المغربي أصبح جزائريا، والقفطان المغربي أصبح جزائريا، والملحون وووو، كل شيء مغربي أصبح جزائريا، لكن عند النظام العسكري وأبواقه، وليس للمتابعين من المغاربة او من الأشقاء غير الأسف على "أمة" لم تكن لها قائمة، وأرادت بين عشية وضحاها أن تكون كذلك.. فعلا الأمر مؤلم.
وعطفا على ذلك، فإن آخر البدع التي ابتدعها الإعلام الجزائري هو التطبيل لما وصفوه بتصنيف وضع "المطبخ الجزائري" في مقدمة المطابخ العربية مثل المغرب ومصر وسوريا، فقد جرى التهليل لهذه الكذبة في جارة السوء وحكامها يعتقدون أيما اعتقاد في مقولة في لازمة اكذب ثم اكذب حتى تتعود نفسك على الكذب مع مرور الوقت وتصدق هذا الكذب فيما بعد.
وإذ ابتدعت أبواق الجزائر كذبة تفوق المطبخ الجزائري على نظيره المغربي متبوعا بالمطبخ السوري ثم اللبناني ثم التونسي ثم المصري سادسا، فإن هذا التهليل جاء بناء على تصنيف مدونة مغمورة هي "TasteAtlas" ولمن لا يعرف هذه المدونة فله أن يدري بأنها أنشئت في 2018، وعلى مدى أربعة أعوام لم تحصد غير 4000 مشترك، وهو رقم يشي بالكثير للجميع إلا الذين على قلوبهم أقفالها.
وليس من سبب أدعى على الأسف على الجزائر وهي تحت سطوة الأجلاف سوى الترويج لمسابقة وهمية، ولعل الاستئناس بصور الأطباق المغربية لتقديم هذه المسابقة يجعل هذا الأسف يدمي القلوب ويثير الدمع الهتون على ما يعتصر قلوب رموز النظام العسكري وهم يحاولون فك عقدة الهوية، من خلال مسابقة أقيمت في أذهان أزلامه وشاركوا فيها لوحدهم.
إن ما يثير الأسى حقيقة هو الجهل الذي أرساه النظام العسكري في نفوس الجزائريين لتاريخهم وهويتهم، حتى أن بعضهم انحاز للكذب دون أن يطرف له جفن، وينذر حياته لسرقة تراث الجيران ونسبها إلى بلادهم ظلما وعدوانا، وهم بذلك أسرى وعبيد لـ"كابرانات" لا يلوون على شيء غير مص ضرع الجزائر بينما يلهون باقي الشعب عن ذلك بإثارة مسائل الهوية.
فعلا صدقت الممثلة الأمريكية "جين فوندا" حين قالت "لا أعرف كيف يمكن تسمية بلاد يجهل شعبها الواقع والتاريخ بلاداً حرة".