قبل فاجعة الجمعة الأسود..حراكة سودانيون احتجزوا 5 عناصر من القوات العمومية كرهائن

الكاتب : الجريدة24

13 يوليو 2022 - 12:00
الخط :

يستفاد من المعلومات والمعطيات التي استقتها اللجنة الاستطلاعية التي اوفدها المجلس الوطني لحقوق الانسان من الإدارة الترابية، أن الهجرة بالناظور عرفت تحولا في المدة الأخيرة، لا سيما بعد وصول موجة جديدة من المهاجرين الى المنطقة ابتداء من منتصف سنة 2021،حيث بدأت تكتسي "طابعا عنيفا"بعد سيطرة المهاجرين على بعض نقاط التزود بالماء ومنع الساكنة المحلية من استغلالها، وتعرض بعض السكان لممارسات استفزازية ولبعض التهديدات.

فبعد فترة من الهدوء التي أعقبت اقتحامات السياج الحديدي خلال شهر مارس 2022 استأنف المهاجرون من جنسية سودانية التوافد على إقليم الناظور عبر القطارات والحافلات ابتداء من منتصف شهر يونيو، رغم تشديد السلطات المراقبة على محطات القطارات ووسائل النقل العمومية وسدود المراقبة على الطرقات ومداخل المدينة خصوصا من جهة الشرق، وذلك لتفادي حدوث المواجهات العنيفة التي شهدها شهر مارس 2022.

ونتيجة لذلك، غير المهاجرون من طريقة تنقلهم للوصول الى إقليم الناظور حيث شرعوا في التنقل ليلا عبر مسالك بعيدة عن مراقبة السلطات كما أصبحوا يتحركون عبر مجموعات صغيرة لا تفوق خمسة أشخاص أو التنقل فرادى للتوجه نحو نقاط محددة في الغابات.

كثفت السلطات، أمام التغير الحاصل في طرق ومسالك التوافد على إقليم الناظور من طرف المهاجرين، عملياتها التمشيطية لرصد مناطق استقرار المهاجرين الذين وجدوا في غابة "بوقويا"والتي لم تكن تعرف من قبل تواجدا للمهاجرين بها، حيث اتخذوا من مرتفعات الغابة مكانا لاستقرارهم ووضعوا المتاريس والأحجار في كل المسالك المؤدية لمكان تحصنهم.

ونظمت السلطات المحلية، بتاريخ 18 يونيو 2022عملية تمشيطية بغابة بوقويا أدت إلى صدام بين القوات العمومية والمهاجرين المنحدرين في غالبيتهم من جنسية واحدة واستعمالهم لعنف شديد بعدما تحصنوا أعلى قمة الجبل، وأمطروا القوات العمومية بوابل من الحجارة، بل واصلوا هجومهم على القوات العمومية رغم انسحابها.

وأبدى المهاجرون خلال المواجهة“تنظيما محكما ينم عن معرفة بالتكتيكات الدقيقة المتمثلة في توزيع المهام والأدوار والتمرس في أماكن وعرة للتمكن من محاصرة القوات العمومية من مختلف الجوانب، وكذا التراجع التكتيكي إلى أعلى الجبل لاستدراجها حيث يسهل محاصرتها" .

وقد قام المهاجرون بعمل غير مسبوق يوم 18 يونيو تمثل في احتجاز 5 عناصر من القوات العمومية كرهائن بالإضافة إلى العديد من وسائل حفظ النظام كالخودات والدروع الواقية  اضطرت معه القوات العمومية للتراجع والتفاوض مع المهاجرين الذين أفرجوا على أربعة رهائن بدون شروط مع احتفاظهم بالرهينة الخامسة، الذي تعرض لمس خطير لسلامته الجسدية، الذي أفرج عنه فيما بعد، بعد مفاوضات أدت كذلك إلى استرجاع معدات حفظ النظام المحجوزة.

كما أصيب، خلال هذه العملية، 56 عنصرا من القوات العمومية إصابات متفاوتة الخطورة نقلوا على إثرها إلى المستشفى الإقليمي الحسني بالناظور لتلقي العلاجات اللازمة.

وانسحب المهاجرون، بعد هذه العملية، عبر مجموعات صغيرة ومتباعدة في الزمن في اتجاه الغابات المجاورة، وتحصنوا في غابة "ازنودن" التابعة ترابيا لجماعة "ايحدادن" التي تبعد حوالي 20 كلم عن مدينة مليلية، وهي عبارة عن مرتفع شديد الوعورة ومكان استراتيجي يمكن من مراقبة كل التحركات من مسافات بعيدة.

وحسب السلطات ورغبة في تحييد الخطر الذي باتت تشكله هذه المجموعة من المهاجرين بعدما أبدوا عنفا شديدا وغير مبررا، قامت السلطات العمومية بتنظيم عملية تمشيط في غابة ازنودن يوم 23 يونيو 2022 غير أنها ووجهت بعنف أشد، خلف 116 إصابة في صفوف القوات العمومية بينها 7 حالات خطيرة.

في صبيحة يوم الجمعة 24 يونيو 2022 قام حوالي 2000 مهاجر بالانتقال سيرا على الأقدام في مجموعات متفرقة ومنظمة من مكان تمركزهم في غابة "ازنودن" في اتجاه مدينة مليلية، التي تبعد بحوالي 20 كلم عن المعبر، حيث شوهدوا في منطقة أولاد سالم في حدود الساعة السادسة والنصف صباحا قبل أن يواصلوا التوجه نحو السياج الحديدي في حدود الساعة السابعة صباحا، وتفرقوا لمجموعتين قصدت الأولى أحد أبواب السياج في حين اتجهت المجموعة الثانية الى المعبر الحدودي "باريوتشينو" قبل أن يتوجه الجميع صوب المعبر ليتسلقوا أسواره، غير أنهم، وفور ولوجهم إلى باحة المعبر وتوجههم إلى الأبواب الدوارة (Tourniquets)الفاصلة مع مدينة مليلية والمحكمة الإغلاق (ظل مغلقا لمدة تزيد عن ثلاث سنوات) ظلوا عالقين في فضاء ضيق.

الاطلاع على فيديوهات وصور مواجهات المهاجرين للقوات العمومية.

اطلع فريق المهمة الاستطلاعية على 11 شريط فيديو التقطتها السلطات وأعوان السلطة وبعض المواطنين، يمكن تقسيمها إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى : توثق مواجهة المهاجرين للقوات العمومية خلال العمليتين التمشيطيتين التي قامت بها السلطات في جبلي بوقويا وإزنودين يومي 18 و23 يونيو 2022 وتظهر اشتباكا بين قوات الأمن والمهاجرين في مناطق غابوية تستعمل فيه القوات العمومية العصي والغاز المسيل للدموع، ومواجهة من طرف المهاجرين الحاملين لعصي والحجارة والمنظمين بشكل جيد، مستغلين وعورة التضاريس وتفوقهم العددي وعلو مواقعهم، لاستدراج قوات الأمن العمومية ومحاصرة عناصرها، ويظهر كذلك في التسجيلات استيلاء المهاجرين على بعض معدات رجال الأمن كالخوذات والدروع الواقية.

فيما يبين فيديو آخر مجموعة من المهاجرين وهي تحتجز عنصرا من القوات العمومية قبل أن تدخل في مفاوضات مع السلطات حول إطلاق سراحه، ويقود المفاوضات من جانب المهاجرين بعض العناصر الملثمة والذين، حسب السلطات، يعتبرون قادة المجموعة ويعملون على إخفاء وجوههم. ويوثق تسجيل آخر لعدد من عناصر القوات العمومية المصابين خلال المواجهات، بالإضافة إلى المعدات (الخودات والذروع) التي تم استرجاعها من المهاجرين.

المجموعة الثانية: تتعلق بالهجوم على السياج الحديدي يوم 24 يونيو 2022، وتظهر حشدا كبيرا من المهاجرين ينزل من الجبال المجاورة حاملين للعصي ولحقائب على ظهورهم محملة بالحجارة، ويستمر الحشد في التوجه نحو السياج الحديدي فيما تبتعد قوات حفظ النظام نظرا للعدد الكبير للمهاجرين الذين يرشقون القوات العمومية بالحجارة، وترد القوات العمومية بإلقاء القنابل المسيلة للدموع، ثم تهاجم مجموعة من المهاجرين بوابة حديدية للمعبر بينما تنتقل مجموعة أخرى لتسلق الأسوار المحيطة بباحته.

ونظرا للعدد الكبير من المهاجرين الذين يتسلقون السياج الذي يعلو الأسوار ينهار جزء منه بالمهاجرين الذين كانوا عالقين به.

تظهر مقاطع فيديو أخرى تجمع المهاجرين داخل باحة المعبر مع تسلق بعضهم للسور الحديدي المحيط بمدينة مليلية، في حين بقيت عناصر القوات العمومية خارج المعبر.

ويظهر في مقطع أخر تجمع للمهاجرين داخل المنطقة الفاصلة بالمعبر والتي تضم الأبواب الحديدية الدوارةTourniquets(ظلت مغلقة لمدة تزيد عن ثلاث سنوات. (

وبحكم ضيق الفضاء، وإصرار الحشد الكبير من المهاجرين على التسلل الى مليلية، وقع تدافع شديد أدى إلى إصابة عدد كبير منهم بإصابات متفاوتة الخطورة نقلوا على إثرها إلى المستشفى الإقليمي الحسني لتلقي العلاج قبل أن يعلن عن وفاة 23 من المقتحمين.

كما أسفرت الأحداث عن إصابة 140 عنصرا من القوات العمومية و77 من المهاجرين بإصابات متفاوتة الخطورة، ونقلت 5 حالات، كانت إصابتها خطيرة تستدعي تدخلا جراحيا عاجلا، إلى المستشفى الجامعي محمد السادس بمدينة وجدة.

تدخل القوات العمومية واستعمال القوة في مواجهة المهاجرين

تأكدت اللجنة من المعطيات التي توصلت إليها أن القوات العمومية كانت تحمل العصي والغاز المسيل للدموع، ولم تكن تحمل أسلحة نارية ولم يعرف التدخل أي إطلاق للنار من جانب القوات العمومية المغربية.

كما تبين لها أن عناصر القوة العمومية كانت في حالة رد لخطر حال نظرا للعدد الكبير للمهاجمين المسلحين بالعصي والحجارة حيث تم إحصاء حوالي 600 عصى من مخلفات عملية الاقتحام.

واتسمت مواجهة المهاجرين لقوات حفظ النظام بعنف شديد، بالإضافة إلى طبيعة الهجوم غير المعتاد من حيث الزمان والمكان، ذلك أن عمليات الاقتحام عادة ما كانت تحدث في الليل وفي نقاط أخرى من السياج الحديدي.

وبخصوص بعض الفيديوهات المتداولة والتي تبين استعمال العنف في حق مهاجرين مستلقين على الأرض، وبعد استفسار السلطات المحلية حولها أكدت أن الأمر يتعلق بحالات معزولة وفردية، إلا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعتبر أنها سلوكات لا يمكن تبريرها.

آخر الأخبار