كيف يُمكن لأي امرأة أن تعرف أنها ستكون ضحية عنف منزليّ على يد شريكها المستقبليّ؟

الكاتب : الجريدة24

25 يوليو 2022 - 04:00
الخط :

كيف يُمكن لأي امرأة أن تعرف أنها ستكون ضحية عنف منزليّ على يد شريكها المستقبليّ؟ وهل يُمكن للأهل أن يُساعدوا بناتهم في اكتشاف سلوك زوج المستقبل؟

الإجابة على هذا النوع من الأسئلة قد يكون سهلًا في حالات معينة، وصعبًا للغاية في حالات أخرى وخصوصًا في المجتمعات التي قد تلجأ فيها المرأة للأعذار المتوارثة ثقافيًا ونفسيًا ومنها:

أساء إليّ لأنه يغار عليّ، تعامل معي بهذه الطريقة لأنني قد أكون جرحتهُ في الكلام، وغيرها من الحُجج مثل لم يقصد أن يتصرّف على هذا النحو، ومعذور في أفعاله لأنه لم يعد يحتمل الأعباء الاقتصادية والضغوط المهنية، وأخيرًا الجملة الأشهر والأكثر تداولًا وهي سيتغيّر بالتأكيد بعد الزواج وبعد الإنجاب.

سواء كنّا نتحدثُ هنا عن الأنماط التقليدية للزواج أو غير التقليدية، الزواج المختلط أو زواج الأقارب أو تعدّد الزوجات، فإنّ الأعذار التي قد تضعها الفتاة لشريكها قبل الزواج عن حُسن ظنّ أو عن جهل أو عن ضغط أُسري واجتماعي أو عن حبّ، رغم رصدها مؤشرات العنف، ستزيد من احتمالية وقوعها ضحية للعنف المنزلي.

وفي هذا الإطار، يرى الدكتور عاطف مقبول، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين في سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر: "أنّ الهدف الذي نتطلع إليه كخبراء من خلال تسليط الضوء على هذا الموضوع يكمن في مساعدة الفتيات والنساء وأسرهنّ على تحديد السلوكيات الخاطئة لدى الشريك وتبيانها في السياق الثقافي والمجتمعي الصحيح".

وتحدّث الدكتور عاطف عن عشر عوامل رئيسية يُمكن أن تكون سببًا في احتمالية وقوع العنف الأسري وهي بشكل عام:" الإدمان على الكحول أو المخدرات، ووجود سوابق في تعنيف الآخرين، وحالات الغضب أو العدائية المستمرة تجاه الآخرين، بالإضافة إلى سلوكيات أخرى تنمّ عن طيش ومخاطرة دون حسبان، إلى جانب الانطوائية".

يتابع الدكتور مقبول: "لا بدّ من الإشارة كذلك إلى مؤشر الغيرة الزائدة وعدم الثقة بالنفس وبالآخرين، وما يُعرف أيضًا بالنرجسية وجنون العظمة، ناهيك عن حبّ التملّك والسيطرة، والتعامل مع الغير عبر الإساءة اللفظية والعاطفية، إلى جانب مؤشرات أخرى يُمكن أن نصنفها في سياق ضعف المهارات الاجتماعية والعزلة الذاتية على المدى الطويل.

ومن المؤشرات التي قد تزيد أيضًا من خطر العنف في العلاقة بين الشريكين هو غياب التكافؤ في الأهداف والتوقعات التي قد تفاقم من الخلافات بين الشريكين".

وتابع الطبيب المتخصص في العلاج النفسي للأطفال والمراهقين والذين غالبًا ما يكونون ضحية عنف منزلي قائًلا: "المشاحنات المتكررة والمشاجرات والتوتر الدائم في الحديث بين الطرفين والنزاعات المستمرة حول مختلف المواضيع هي من المؤشرات التي تعكس علاقة غير سوية قد ينتهي بها المطاف إلى عنف، بالإضافة إلى العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية".

وأوضح الدكتور مقبول: "إنّ وجود إحدى هذه المؤشرات لا يعني بالضرورة أن الشخص عنيف وأنه خطر على الشريك، حيث لا ينبغي النظر إلى عوامل الخطر هذه بمعزل عن غيرها، أو تعميمها على كلّ الأفراد، ولكن من المهم جدًا تقييم كل عامل على حدى في سياق كلّ حالة".

في الآونة الأخيرة ومع ارتفاع عدد حالات الإبلاغ المتعلقة بالعنف المنزلي في معظم الدول العربية، والتي باتت محطّ اهتمام وسائل التواصل الاجتماعي، نتيجة للحملات الرسمية والمدنية التي تدعو النساء للإفصاح والإبلاغ عن هذه الحالات، يمضي الباحثون قدمًا في مساندة الجهات الرسمية لصياغة السياسات والقوانين التي تحمي المجتمع، وتؤكد على دور الأسرة كنواة لمجتمع متماسك وصحي، وفي هذا الإطار يعمل معهد الدوحة الدولي للأُسرة، عضو مؤسسة قطر، على العديد من التقارير البحثية، بالإضافة إلى تنظيمه برامج توعوية للشباب المقبلين على الزواج، ومن بين هذه التقارير "حالة الزواج في العالم العربي" الذي يُشير فيه الباحثون أن العنف في الزواج منتشر في كلّ المجتمعات بما فيها المجتمعات العربية بدرجة أو أخرى"،

ويضيف هذا التقرير أن هذا النوع من العنف غالبًا ما يتجسد بظاهرة الحرمان من الخروج من البيت أو الحرمان من العمل أو الدراسة، وهناك أيضًا ى-بحسب المعهد- أشكال عدّة من العنف النفسي ومن بينها الإهانات اللفظية، أو تشويه السمعة، بالإضافة إلى وجه آخر من وجوه العنف والذي يُمكن أن يظهر بالحرمان من المصروف، أو الغذاء، أو الاحتياجات المادية.

. ويُقسّم العِلم العنف المنزلي على أساس ثلاث محاور أساسية، أولها العامل الفردي والذي يتضمن معيار الفرق في العمر، أو الفروقات في مستوى التعليم بين الشريكين.

أما العامل الثاني فغالبًا ما يرتبط بالحواجز الاجتماعية حيث تمتنع الزوجة عن الإفصاح أنها معنفّة خشيةً من الوصمة الاجتماعية وأملًا بأن الشريك سيتغير وبالتالي تخشى طلب المساعدة المتخصصة؛ العامل الثالث هنا،

يكمن في نظرة المجتمع للعنف المنزلي على أنه سلوك عابر لن يتكرر في المستقبل وأنه سلوك لن يستمر، بالإضافة إلى عوامل أخرى متغيرة مرتبطة بالضغط النفسي على الشريكين وعدم التوافق العاطفي بينهما ووضع التوقعات غير المنطقية في بداية الارتباط،

إلى جانب أسباب أخرى مرتبطة بالأوضاع المادية، أو التصورات الخاطئة عن دور كُلّ من الشريكين، وبالتالي من المهم جدًا مناقشة هذه الأمور والاتفاق عليها قبل الإقدام على الزواج".

الحالة الاجتماعية للمرأة قد تعلب دورًا في تعزيز احتمالية العنف المنزلي "المرأة المطلقة قد تكون في بعض المجتمعات أكثر عرضة للاستغلال المادي من قِبل الذين يتقدّمون للزواج منها"،  وكذلك " يتعرّض الزواج المبني على المشاعر دون الأخذ بالحسبان العوامل المنطقية، لمخاطر الانهيار، وإمكانية وقوع العنف المنزلي، وذلك بسبب ما يتعرض له الشريكين من ضغوطات اجتماعية هائلة تنعكس سلبًا على طبيعة هذه العلاقة وذلك مقارنة بزواج الأقارب والزواج التقليدي الذي يُعدّ الأكثر أمانًا في مجتمعات معينة ولا سيما تلك التي تعتمد على الأسرة الممتدة".

وعن مؤشرات اختيار الشريك الأنسب، قال الدكتور النعمة:" نضع الجانبين الديني والأخلاقي كمجتمع عربي وإسلامي في عين الاعتبار عند اختيار الشريك بحيث يكون ملتزم أخلاقيًا، وهذا ما يُمكن للمرأة أن ترصده من خلال تعامله مع أسرته والمقربين منه، ومن خلال كيفية تعامله مع أفراد المجتمع وليس بالضرورة في مكان عمله، لأنه في أغلب الأحيان أخلاقيات العمل تكون مفروضة بين الزملاء، وبالتالي قد لا تظهر حقيقة هذا الشخص بيئة عمله، ولكنها تكون أكثر وضوحًا في كيفية تعامله مع أفراد عائلته".

وتابع النعمة:" كذلك أثبتت أغلب الدراسات أن المستوى التعليمي للزوج يؤثر على تصوّراته المتعلقة بحقوقه وواجباته، وبالتالي من المهمّ التوقف عند هذه المسألة. بالإضافة إلى ذلك، يُساعد الوضع المادي المستقر في استقرار العلاقة الزوجية من حيث عدم اعتماد الرجل على القروض قبل الزواج،

ولا بُدّ أيضًا من التنبه إلى مؤشرات أخرى مرتبطة بمستوى وعي الشريك لدوره كزوج، ومُعيل، وربّ أسرة، وأب في المستقبل.

ونحن ننصح بأن تكون فترة الخطوبة بين أربع وست أشهر على الأقلّ مع اللقاء بشكل مستمر حسب الضوابط الشرعية بحيث يمكن للشريكين تقييم مدى التوافق بينهما والانسجام الفكري وتقييم الروابط الأخلاقية والمشاعر المشتركة".

وختم الدكتور خالد قائلًا:" أناشد كلّ المقبلين على الزواج بتجنب الارتباط من شخص مدمن إلا إذا كان هذا الشخص تعافى كليًا وبشكل تامّ من الإدمان ولا سيما إدمان المخدرات والكحول،

لأن هذا النوع من الإدمان يرتبط بالمتغيرات الكيميائية التي قد تعيدهم يومًا ما إلى هذه الحالات في حال عدم التعافي الكلّي، وكذلك ننصح كافة المقبلين على الزواج بمناقشة المواضيع بينهما، والسعي إلى التوصل لحلول مشتركة، وأخذ المشورة المتخصصة عند اللزوم من مصدر ثقة، وعدم التغاضي عن مؤشرات العنف المثبتة في بداية الارتباط".

آخر الأخبار