هل فشل عسكر الجزائر فـي كسر شوكة الحراك؟

الكاتب : الجريدة24

28 مايو 2019 - 10:00
الخط :

العديد من المؤشرات تؤكد اليوم أن الربيع الجزائري لم يتحول إلى خريف، وأن الشارع مازال يغلي في الجارة الشرقية للمغرب مناديا بتحقيق مطالبه، رغم كل محاولات الجيش لإجهاض الحراك من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات لاحتوائه قبل أن يسقط منظومة النظام ككل، وهذا ما يمكن أن نلمسه من خلال عدة مستويات.

المستوى الأول يتمثل في إلغاء مخطط العهدة الخامسة لعبد العزيز بوتفليقة، واللجوء إلى قراءة متجزئة للدستور، أما المستوى الثاني فقد تجسد في الحديث عن وجود قوى خارجية دون تحديدها تريد سوء بالجزائر ويجب على الشعب أن يتحد وراء مؤسسة الجيش من أجل مواجهـة هذا الخطر المفترض، في حين يتجلى المستوى الثالث في تقديم عدد من وجوه النظام السابق التابعين أساسا لتحالف سعيد بوتفليقة ورئيس اتحاد رجال الأعمال السابق علي حداد إلى المحاكمة.

وبعدما كان واضحا أن كل هذه الإجراءات لم تساهم في إخماد فورة الحراك الجزائري، حاول النظام الجزائري اللجوء إلى "عنف ناعم" من خلال تدشين عدد من الاعتقالات في صفوف بعض رموز الحراك والواقفين وراءه، إذ قامت مصالح الأمن بمنع الدخول إلى الجزائر العاصمة وحاولت احتلال الشوارع والساحات بقوة فاقت الأسابيع السابقة، وتم إيقاف  عشرات الأشخاص واقتيادهم إلى مراكز الأمن، وهي الإجراءات التي كانت محط إدانة حقوقية دولية ووطنية، إذ أدان العديد من الفاعلين عمليات الاعتقال ونزع الرايات الأمازيغية من المتظاهرين، على اعتبار أنها "عملية تهدف إلى الاستفزاز من طرف حكومة رفضها الشعب".

وبالرغم من ذلك لم يتمكن الجيش من تطويع الشارع لصالح مشروعه القائم على محورين، توقف الاحتجاجات والقضاء على رموز النظام السياسي السابق على عهد بوتفليقة. ويمكن الاستدلال على هذا الفشل بمؤشرين واضحين: الأول هو استمرار الاحتجاجات أما المؤشر الثاني، فهو فشل محاولة الهروب إلى الأمام التي لجأ إليها الجيش من خلال الإعلان عن انتخابات رئاسية يوم 4 يوليوز القادم، بعدما لم يتقدم أي من القيادات السياسية ذات الامتداد الوازن ترشيحها رسميا، وهذا راجع إلى إصرار الشارع الجزائري من خلال مسيراته الاحتجاجية التي كان آخرها يوم الجمعة 24 ماي، إذ تم التعبير في احتجاجات مليونية نظمت في مختلف ولايات الجزائر على مطالب موحدة وهي رحيل بقايا رموز نظام بوتفليقة، ورفض أي انتخابات يتم تنظيمها بوجود هؤلاء.

وكان واضحا فشل مخطط الانتخابات لتجاوز الأزمة الجزائرية الحالية، من خلال آخر كلمة ألقاها أحمد قايد صالح، إذ لم يشر فيها إلى موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة، بخلاف خطابات السابقة، واكتفى بالحديث عن المجهودات المبذولة من طرف أفراد الجيش الوطني الشعبي، بشكل مكن من "الحفاظ على كيان الدولة الوطنية ومؤسساتها الجمهورية، بما يتماشى مع مصلحة الشعب الجزائري وطموحاته المشروعة". مع العلم أنه في خطابات سابقة شدد ضرورة تنظيم الانتخابات، باعتبارها الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد، ليبقى السؤال مطروحا: هل سيتم تأجيل الرئاسيات إلى وقت لاحق؟

ولم يتم الاكتفاء فقط بالإجراءات السالفة الذكر من أجل احتواء الحراك، وإنما إضافة إلى القمع المسلط على قادة الاحتجاجات، تم تجييش عدد من الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل محاربة الحراك الجزائري، إذ ذكرت الجريدة الإلكترونية "كل شيء عن الجزائر" أنه بمجرد "نجاح ثورة 22 فبراير، واكتسابها زخما كبيرا في الجزائر وخارجها، انتشر بشكل فظيع ما يعرف بالقطط والذباب الالكتروني، بحسابات وصفحات ومجموعات مزيفة تهدف الى فرض الثورة المضادة وتوجيه الحراك الشعبي عن أهدافه"، وهو ما دفع نشطاء الاحتجاجات إلى إطلاق دليل "عن كيفية محاربة الذباب، وهو رسم بياني يساعد المستخدمين الجزائريين على تحديد المزيفين ومعرفة أهدافهم وطرقهم وكيفية مكافحتهم".

وكشف المصدر نفسه أنه في "في الجزائر، يشكك البعض في أصل هذه الحسابات الوهمية التي يستخدمها الذباب الالكتروني، حيث يعزون ذلك إلى دول أجنبية، في حين يوجه آخرون التهم لشركات اتصالات تابعة لرجال الأعمال المقربين من السلطة".

ويتضح من خلال هذا الجرد أن النظام الجزائري الحالي، لم يتمكن من كسر شوكة الحراك الشعبي بالرغم من اللجوء إلى كل الحلول الممكنة. والواقع أن هذا الحراك أبان على دراية عميقة لمحركيه بحقيقة الشارع في الجزائر والقدرة على تحفيزه من أجل إسقاط النظام، في المقابل يظهر أن مؤسسة الجيش عاجزة فعلا على إيجاد أي حل يمكنها من الخروج من هذه الأزمة التي لم تعشها البلاد مند عهد بوتفليقة. معركة كسر العظام بين الشارع الجزائري والجيش مستمرة والمنتصر فيها سيكون هو صاحب النفس الطويل.

آخر الأخبار