تارودانت: تقرير لمؤسسة "إيطو" يضع الأصبع على جرح النساء القرويات 

الكاتب : الجريدة24

30 ديسمبر 2022 - 10:00
الخط :

أمينة المستاري

على امتداد الطريق المؤدية من أكادير نحو تارودانت، تطالعك أفواج من الفتيات والفتيان على متن دراجاتهم الهوائية، يقطعون كيلومترات للوصول إلى المدارس.

معاناة تتكبدها الفتيات بالخصوص، تبدأ رحلتهن اليومية في ساعة مبكرة، يستيقظن ويجهزن أنفسهن ويمتطين دراجاتهن للانطلاق على شكل مجموعات يتوخين الحذر من عروض نقلهن على متن سيارات الغرباء، تلفح وجوههن الشمس في الأيام المشمسة، وعندما تمطر السماء يقطعن ذات المسافة تحت زخاتها.

المحظوظات منهن يقطعن المسافة على الدراجات وفي طريق معبدة، لكن فئة عريضة تضطر لسلك مسالك وعرة، تصل أحيانا كيلومترين أو أكثر للوصول إلى أقرب مدرسة، يتحملن قساوة البرد والحرارة، فالإقليم يعرف بجوه البارد شتاء والحار صيفا، لكن المشكل الذي تواجههن الفتيات الخوف من تعرضهن للاعتداء رغم أنهن يحرصن على السير جماعات أو على شكل ثنائي، وهو ما يجعل أسرا عديدة تحجم عن إرسال بناتها إلى المدرسة ويتسبب في الهدر المدرسي، وتفضل الأسر تزويج البنات أو إبقائهن في المنزل خوفا من تعرضهن للاغتصاب والاعتداء وهن في طريقهن للمدرسة، إضافة إلى قلة عدد الأقسام الداخلية وضعف تجهيزاتها وخدماتها، وارتفاع تكاليف الإيواء بالنسبة للأسر التي يعاني أغلبها من الفقر، إضافة إلى الهشاشة الاجتماعية.

موضوع الهدر المدرسي اعتبرته مؤسسة "يطو" في صلب اهتمامها، وجعلها تقوم بتنظيم قافلة استهدفت خمس جماعات بإقليم تارودانت تعتبر من المناطق النائية، وكشف بحث ميداني أجرته أن 863 من النساء المستفيدات من الخدمات التي قدمتها القافلة يعانين من الأمية، بسبب تفشي ظاهرة الهدر المدرسي بشكل كبير في العالم القروي، لا سيما في صفوف الفتيات، بسبب الصعوبات التي يجدنها في الوصول إلى المؤسسات التعليمية، في الوقت الذي أفاد فيه التقرير أن النساء اللواتي استفدن من برامج محو الأمية 26، ودرست 9 منهن في الكتّاب القرآني، بينما غادرت%  86 منهم المدرسة في طور التعليم الابتدائي، وانقطعت 11 منهن عن الدراسة بعد التعليم الإعدادي، وانتهى المسار الدراسي لـ 9 بعد التعليم الثانوي، رغم أن نسبة 82 من النساء عبرن عن رغبتهن في الدراسة التي حرمن منها بسبب الزواج أو الفقر...هذا في الوقت الذي عبرت نسبة أخرى 152 امرأة عن رفضهن فكرة العودة إلى مقاعد الدراسة "محو الأمية" إما بسبب السن، التقاليد المحافظة، مسؤولياتهن كأمهات وزوجات...

وحسب نتيجة البحث فإن %86 من الزوجات أميات، فيما لم تتجاوز نسبة الحاصلات على تعليم ابتدائي  % 9، والمستفيدات من برنامج محو الأمية 3 في المئة، في حين استفادت% 0.75 منهن من الكتّاب القرآني، و%  0.25 من التعليم الثانوي، بينما لا تتوفر أي منهن على تعليم جامعي.

وأظهر التقرير أن ظاهرة زواج القاصرات مستمرة وبشراسة، فقد تم رصد 500 حالة زواج، لفتيات تتراوح أعمارهن ما بين 15 و17 سنة، تم تزويجهن إما بسبب انعدام فرص التعليم، الفقر، أو التطرف في التعامل مع النص الديني"، في الوقت الذي أعربت فيه 998 امرأة وفتاة أي % 85  ممن تم استجوابهن عن رفضهن زواج القاصرات، وتجهل نسبة كبيرة منهن مضامين مدونة الأسرة، فيما لا تعرف نسبة أخرى مضامينها من حقوق وواجبات رغم سماع بعض الأمور عنها في وسائل الإعلام السمعية والبصرية.

ويسري مشكل الهدر المدرسي على الأطفال أيضا، حيث أفاد تقرير مؤسسة إيطو أن وضعية تمدرسهم، فنسبة نصف الأطفال الذين شملهم البحث انقطعوا عن الدراسة، نسبة كبيرة منهم إناث وذلك لصغر سنهن وصعوبة المسالك ووعورتها خاصة مع نزول الثلوج بالمرتفعات، وهو ما جعل نسبة الأمية مرتفعة في وسطهم.

آخر الأخبار