قرار البرلمان الأوربي.. ملفات أمنية بغطاء سياسي حقوقي

الكاتب : الجريدة24

23 يناير 2023 - 12:51
الخط :

احسان الحافظي- استاذ جامعي

باستثناء الذين يقدمون أنفسهم معارضة ويهرولون نحو فرنسا لحمايتهم. وباستثناء احتفاء الإعلام الجزائري بالقرار لأنه يخدم أجندة العسكر في تأزيم العلاقات بين البلدين وتصدير الأزمة الداخلية وترتيب حسابات الولاية الثانية للرئيس الجزائري "رئيس مزور جابوه لعسكر" كما يردد الشارع الجزائري.

فإن قرار البرلمان الأوربي يبقى لا حدث في المغرب، لأن أهدافه ليست كما يسوق القرار: حقوق الانسان وحرية التعبير والديمقراطية والحماية الرقمية، بل هو عمل استخباراتي بامتياز وتحرشات عدائية تمس بأهداف الشراكة السياسية والاقتصادية الاستراتيجية بين الرباط والاتحاد الأوربي.

القرار مزيج بين ملفات أمنية، بعد الادعاءات الأوربية بشراء برلمانيين أوربيين من قبل جهات مغربية ثم قطرية. وأخرى قضائية، بتحقيقات تعود إلى الادعاءات بالتجسس بنظام بيغاسوس الذي نفتها كل التحقيقات داخل الدول المعنية (فرنسا واسبانيا تحديدا) ومع ذلك يتمسك أعضاء في البرلمان الأوربي بها كورقة ابتزاز وضغط على المغرب.

أما الإشارة إلى قضايا حقوق الانسان فهي الواجهة التسويقية للقرار والأداة التي استغلت للضرب في استقلالية مؤسسة القضاء ونجاعة المؤسسات الدستورية المعنية بحقوق الانسان وحرية الإعلام والصحافة.

ليس صدفة أن الذين تصدروا المشهد طيلة أيام التحضير لقرار البرلمان الاوربي هم برلمانيون فرنسيون وتحديدا عن حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وليس صدفة أن تتولى برلمانيتين من أصول جزائرية في البرلمان الاوربي عمليات التجييش والتعبئة لصالح القرار، فبالنتيجة تنبعث رائحة الغاز الجزائري من دواليب البرلمان الأوربي.

لنترك جانبًا الملفات الأمنية حول ادعاءات شراء نظام التجسس "بيغاسوس" الذي ينفيه المغرب ويتحدى المدعين "آتو برهانكم إن كنتم صادقين" وما تلاه من ادعاءات شراء مواقف برلمانيين داخل البرلمان الاوروبي، لأنها قضايا أُقحمت بشكل مفضوح لأغراض الابتزاز السياسي والاقتصادي. ولنعد إلى ورقة حقوق الانسان ومحاكمة صحافيين في جرائم  الاستغلال الجنسي لا علاقة لها بعملهم الصحافي، قضايا جنائية أطرافها ضحايا ومتهمين وشهود وأدلة.

ما حجة البرلمان الاوربي في إدانة المغرب؟ وفق قواعد القانون الدولي ولوائح الاتهام الجنائي التي تبنتها الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان فإن صحة الأحكام من صحة ضمانات المحاكمة العادلة، دون الخوض في الإجراءات الشكلية والمسطرية لأن من شأنه التأثير على قناعات القضاء وجودة الأحكام.

الجواب في تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان المنشور والمعمم علنا حول ضمانات المحاكمة العادلة وعناصرها التكوينية في المحاكمات التي تحدث عنها قرار البرلمان الأوربي.

يقول تقرير خلاصات أولية الصادر عن المجلس الوطني لحقوق الانسان حول جنايات العنف الجنسي للصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني إن شروط المحاكمة العادلة كانت متوفرة ويدلل على ذلك بعدد من المعطيات الاولية التي استقاها فريق الملاحظة التابع للمجلس خلال متابعته لأكثر من 28 جلسة في المرحلة الابتدائية من أطوار جلسات المحاكمة.

ويستند في هذا الإطار إلى المعايير الدولية والأوربية بشأن المحاكمة العادلة، سواء تعلق الأمر باحترام شرط العلنية في المحاكمتين، والتجاوب مع طلبات الدفاع عقد الجلسات حضوريا وإطلاع المتهمين، منذ لحظة الايقاف، على التهم الموجهة إلى كل منهما، وتمكينهما من الوقت والتسهيلات اللازمة لإعداد الدفاع.

كما استجابت المحكمة لطلبات التأجيل المتعددة التي قدمها دفاع كل متهم على حدة من أجل تحضير المحاكمتين، مع ما صاحب ذلك من طلبات تأجيل غير مبررة وامتناع عن الحضور ما استدعى استمرار الجلسات مع الالتزام بإخباره بتفاصيلها بشكل منتظم داخل المؤسسة السجنية والاستماع إلى الشهود أثناء التحقيق والبت في طلبات السراح عند كل جلسة.

هذه الملاحظات هي مجموع الضمانات التي تقرها كل المواثيق الدولية أما التعليق على الحكم فإنه مس باستقلالية القضاء وسيادته.

بصرف النظر عن الممارسات التي لجأ الأشخاص والهيآت التي قدمت نفسها بصفة "ملاحظ" للمحاكمات، وهي سلوكات كان الغرض منها التأثير على القضاء والضغط على السلطات العمومية، فقد تأكد عند صدور الأحكام أنه لا المهنة ولا الشهرة ولا العلاقات ولا حتى آراء المعنيين، يمكن أن تشكل بمفردها عناصر لتأكيد أو نفي تهم بارتكاب جرائم و/أو جنح لاأعرف ذلك من شأنه أن يمس بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون الذي يكفله الفصل السادس من الدستور.

آخر الأخبار