الشرعي: نتنياهو وقع في خطيئة الكبرياء حين فسر اتفاقيات ابراهام بطريقة مغرضة

الكاتب : الجريدة24

20 مارس 2023 - 11:13
الخط :

أحمد الشرعي:

لم يفاجئ الاتفاق السعودي الإيراني، بوساطة صينية، الأوساط الديبلوماسية فحسب، لكنه وضع الوزير الأول الإسرائيلي في ورطة.

وقع بنيامين نتنياهو في خطيئة الكبرياء، حين فسر اتفاقيات ابراهيم بطريقة مغرضة، حاول من خلالها تحقيق مآرب سياسية - الأمر الذي يمكن تفهمه - لكنه أخطأ عندما تصور أن الدول العربية الموقعة على الاتفاقيات تتقاسم معه رؤية ‘‘السلام مقابل السلام.. وليس مقابل الأرض‘‘.

القادة العرب يواجهون أيضا رأيا عاما داخليا، وقطعا يضعونه في عين الاعتبار عند اتخاذ القرارات الكبرى والحاسمة. فقد افترضت اتفاقيات ابراهام تضافر الجهود الاقتصادية والاجتماعية لفائدة الفلسطينيين، خصوصا الشباب، تمهد الطريق للتوصل إلى حل سياسي، لم تحدده مسبقا.

نجح بنيامين نتنياهو في تركيب تحالف سمح له بالفوز في الانتخابات، لكنه بالمقابل فسح المجال أمام اليمين المتطرف بالمسك بزمام الأمور، ما أدى إلى مضاعفة الاستفزازات التي تصب الزيب على النار.

مشروعه في إصلاح العدالة قسم المجتمع الإسرائيلي بطريقة غير مسبوقة وقاسية. هذا المشروع وفي حالة المصادقة عليه، سيضع الجهاز القضائي تحت وصاية سياسية، ما سيجعل من الديمقراطية الإسرائيلية التي يفترض أنها استثناء في المنطقة مجرد سراب.

الحسابات الخاطئة لنتيناهو دفعته أيضا للاعتقاد بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيرضخ للضغوط اليمينة، وهو ما لم يحدث أبدا.

تحفل الإدارة الأمريكية بمسؤولين وخبراء يعرفون جيدا رهانات وملفات المنطقة بشكل عميق، أغلبهم عايش ولايتي الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، كجايك سوليفان وانتوني بلينكن وروبرت مالي وبيل بورنز.

هذه الخبرة الطويلة في المنطقة تجعلهم غير متحمسين في دعم سياسة الاستيطان والطرد العقابي، لإيمانهم العميق بأن مثل هذه الممارسات ستقضي على كل أمل في إيجاد حل للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني.

وإذا كان يتوجب قراءة عودة العلاقات الديبلوماسية بين ايران والسعودية في هذا السياق، فإنه سيكون من المجانب للصواب الاعتقاد بأن واشنطن لم تتوقع مثل هذا التقارب مسبقا، ففي منطقة الخليج العربي، تتقاطع المصالح الأمريكية والصينية بشكل متشابه.

كلا القوتين ترغبان في استمرار تدفق الطاقة التي تزخر بها أراضي المنطقة، كما تأملان أن تظل مستقرة وآمنة ما سيسمح لهما، وخصوصا الصين، بمواصلة همينتهما التجارية.

اعتقد نتينياهو أن الالتفاف حول العدو المشترك – ايران – سيشكل لوحده سببا في استمرار التحالف مع دول الخليج، لكن تعقيدات السياسة والأمن في المنطقة حملت الكثير من المتغيرات.

فالسعودية مثلا، اعتبرت أنها لم تتلقى الدعم اللازم في حربها على اليمن في الوقت الذي تعرضت أراضيها لهجمات، فيما باقي دول الخليج تؤمن بأن الثمن الذي ستدفعه سيكون باهظا في حالة نشوب حرب كبرى بين قوى المنطقة،

وعليه فإن محاولة هذه الدول اليوم التخفيف من التوتر يعتبر سلوكا عقلانيا إلى حد بعيد، دون أن يتعارض ذلك بأية حال مع إرجاء كيفية التعامل مع إيران، حيث ستجيب التطورات القادمة إن كانت إيران فعلا جديرة بالثقة، وهل ستضع دولة الملالي فعلا حدا لتدخلها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

المقلق في هذا التقارب الإيراني السعودي هو التدخل الصيني، الذي يعتبر أول موطئ قدم للامبراطورية الصامتة في الشرق الأوسط سياسيا، وهو التحرك الذي لا يمكن اعتباره متناقضا، لأن الصين حاضرة تجاريا في المنطقة، لكنه يفترض التعامل بالكثير من الحذر أمام تصريحات النوايا المعلنة.

الحديث عن العالم متعدد الأقطاب يعني بالضرورة تنويع الشركاء الاقتصاديين. من هذا المنطلق يمكن فهم توجه الدول العربية – السنية – إلى البحث عن مصالح خارج الأجندة الإسرائيلية، أو على الأقل خارج الرؤية السياسية لنتيناهو.

آخر الأخبار