النعم ميارة.. استقلالي يتفنن في إطلاق الرصاص الطائش لقتل العلاقات المغربية الإسبانية

هشام رماح
في أي شيء كان يفكر النعم ميارة، الذي يلتحف رداء حزب الاستقلال ويرأس مجلس المستشارين، وهو يتطاول ويتحدث في موضوع أبعد عنه وفي وقت حساس لا يحتمل أي تشويش على العلاقات المغربية الإسبانية التي تمأسست بعد برود دبلوماسي على أسس الثقة المتبادلة؟
ألم يكن حريا بالنعم ميارة، القيادي الاستقلالي، الذي تحدث عن مدينتي سبتة ومليلية المحتلتان، في أمسية رمضانية شهدت تنظيم لقاء حزبي عقدته منظمة المرأة الاستقلالية، أن يقول خيرا أو ليصمت، بدل أن يسبح في بحر لا يعرف له قرار، وينجرف بالقول في مسألة تتطلب الكثير من الحصافة والحكمة وقبل كل شيء ترك الأمور لأهلها.
لقد قال النعم ميارة، بعدما أخذته الحمية، أما نسوة حزب "الميزان" إن "حزب الاستقلال يؤمن بأنه سيأتي يوم سيسترجع فيه المغرب مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، ليس بالسلاح ولكن بالحوار والمفاوضات الجادة مع الجارة إسبانيا"، لكن قول هذا الرجل لم يكن بلسما على من ألقاه على مسامعهم، بل كان شرارة انطلقت من جديد في الإعلام الإسباني، الذي اعتبر تصريحات رئيس مجلس المستشارين هجوما على إسبانيا رغم عودة العلاقات بين البلدين إلى مجراها الطبيعي.
وبعدما كانت الأمور على ما يرام بين المملكتين، لم يجد النعم ميارة، غير الزج بنفسه في مجال لا يخبره، وله أناس يتقنونه، تحت قيادة الملك محمد السادس، ليطلق لسانه والكلام على عواهنه، مما جعل صحف الجارة الشمالية تتكالب على المغرب، وهي تشجب مثل هكذا تصريح يأتي بعد تطبيع العلاقات بين البلدين والاحترام المتبادل، الذي يطبع هذه العلاقات البينية.
فماذا دهى النعم ميارة؟ ليثير وكالات الأنباء الإسبانية من "إيفي" و"أوربا بريس" ومعهما الصحف في شبه الجزيرة الإيبيرية أو في الثغرين المحتلين، ليقيِّموا واقع ومستقبل العلاقات المغربية الإسبانية، بعدما كان الجميع يثمن ما يجري بين البلدين الجارين من تقارب وود واحترام تضمنه السدة العالية في المملكة الشريفة، التي جعلت إسبانيا حليفة للمغرب وداعمة لمقترح الحكم الذاتي من أجل حلحلة النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
اللافت، أن النعم ميارة، لم يكن له شأن، في أن يتحدث عن ثغري سبتة ومليلية المحتلان، لكنه أثار جعجعة، وتوارى إلى الوراء تاركا صحفا مثل "سبتة تي في" تفيد بما يلي "كما يتجلى فإن النوايا الحسنة التي جرى التعبير عنها أثناء الزيارة الأخيرة لـ"بيدرو سانشيز"، رئيس الحكومة إلى الرباط، ثم الالتزامات المتبادلة بتجنب إساءة طرف للآخر، لم تؤت أكلها، وهذا ما يتضح من كلمات رئيس مجلس المستشارين المغربي".
فهل كانت المملكة المغربية بحاجة لهذا الصداع من النعم ميارة في مثل هذه الظرفية؟ أم أن في المغرب سياسيين لا يعرفون ما يقولون ورغم ذلك لا ينفكون عن فتح أفواههم بما لا يفقهون؟ على أن الأكيد أن القيادي الاستقلالي يترأس مؤسسة دستورية، مثل مجلس المستشارين، وحتى وإن دفع بأن قوله يلزمه وحزبه، فإن ذلك لن ينفع للمداراة على تهور كشف خفة مسؤول سياسي يطلق الرصاص الطائش يمنة ويسرة.
إن النعم ميارة، لم يستوعب بعد أنه أبعد ما يكون عن الخوض في أمور هي أكبر منه، وأكبر من أن يفهمها، عقله فكيف إن نطق بها في توقيت خاطيء لا يحتمل أي محاولة "دون كيشوتية" للظهور بمظهر البطل أمام النساء الاستقلاليات، وقد أغفل أن تصريحاته ما كانت لتنسب إليه كقيادي استقلالي وإنما كرئيس مؤسسة دستورية.
فاللهم لا تؤاخذنا بما فعل بعض سياسيينا؟