حلقة "مول الحمام" ...عروض طيران وحوارات على لسان الطيور

أمينة المستاري
الحلقة فن من فنون الفرجة الضاربة في القدم، وشكل من أشكال المسرح الشعبي يعتمد فيه "الحلايقية" على فن الحكي ويبرعون في الإيماء والسخرية والإضحاك ...
ومن أهم الحلقات التي كانت تعرفها الساحات في المدن الشعبية كأكادير ومراكش ومكناس...حلقة "صاحب الحمام"، الذي يحضر قبل صلاة عصر كل يوم إلى الساحة، يضع أمامه أمتعته وهي عبارة عن إكسسوارات قديمة وصندوق بداخله الحمامات البيضاء، وقبل بدء عرضه يؤدي صلاة العصر ثم يتوجه إلى مكانه المعتاد. تحكي بعض الكتب التي تتحدث عن فنون الفرجة بأكادير، أن مول" الحمام" بساحة تالبورجت" وهو رجل كبير السن اعتاد الجلوس في حلقة يشكلها رواد الساحة ، يفترش الأرض ويبسط أكمامه الاكسسوارات التي يضعها داخل الصندوق من قبيل عصا من الخيزران، وطبل يتدلى منه حيط، إضافة إلى آلة موسيقية صغيرة "أرمونيكا، وبوق....
يفتح صاحب الحمام الصندوق لتخرج منه الحمامات تحلق حول المكان لتحط بناء على إشاراته بالعصا فوق الصندوق، كمن يتلقى أوامره من رئيسه، تنزل بإشارة منه وتحط على الصندوق باتخاذها العصا سلما، وتحط الواحدة تلو الأخرى بشكل متتالي مثرة إعجاب الرواد الذين يتحلقون حول "مول الحمام".
يحرص "الحلايقي" هنا على استعمال مجموعة من الآلات الموسيقية البسيطة لإضفاء نوع من الفرجة كوضع الطبل على ظهره يربط الخيط المتدلي منه برجله، ويضع "أرمونيكا" في فمه، ويحمل البوق في يده ليكون بمفرده فرقة موسيقية .
واشتهر بعض "مالين الحمام" بمدن أخرى كمراكش بقدرتهم على جذب الجمهور بطريقة تثير إعجابهم وذهولهم من قبيل "الشرقاوي وبلفايدة"، وهما ثنائي اعتادا تقديم عروضهما اليومية بساحة جامع الفنا، بحماماتهما وكلامهما الموزون، وحوار على ألسنة الطيور مقتبسة من كلام سيدي عبد الرحمان المجذوب.
قضى الشرقاوي بمعية صديقه بلفايدة البصير، حوالي أربعة عقود في ساحة جامع الفنا، واستطاعا أن يستقطبا جمهورا عريضا، حتى اعتبرت في وقت من أكبر حلقات جامع الفنا.
فقد كانا يعتمدان على الغرابة سواء في كلماتهما وحواراتهما أو في لباسهما وشكلهما، يجلس الشرقاوي الأشعت على الأرض، يضع أمامه "الشيشة"، يعتبر نفسه هداوي "مجدوب" ويتلفظ بكلمات غير مفهومة أحيانا، وأحيانا ذات مغزى.
ويعتمد الشرقاوي في عرضه على الحركة، ويأمر الحمامات بالطيران لتحط على بناية "بنك المغرب" فيما يراقبها الجمهور ويتتبع حركتها، قبل أن تعود إلى مكانها قرب الثنائي، الذي يقدم من حين لآخر حوارات على لسان الطيور ويعتمدان على التنوع في الفقرات من طرائف ومستملحات وزجل وأقوال الصالحين وأهل الذكر...