فاس: رضا حمد الله
دق الباب بكل قوة وكرر ذلك مرات وبطريقة عنيفة في تلك العشية. أمه منشغلة في المطبخ، كانت وحيدة بالمنزل. تكرار الدقات جعلها تهرول لفتحه مذهولة. وما أن فعلت حتى لاح لها ابنها في صورة لم تعهده عليها، كان باكيا شاحب الوجه متلعثما في كلامه. لم تسمع منه غير عبارة "قتلته" كررها دون أن تفهم شيئا.
سألته من قتل، لكنها وجدت صعوبة في سماع الاسم والتواصل معه. جرته من يده اليمنى ورافقته إلى صالون المنزل في ذاك الحي الراقي بمدينة ساحلية جميلة. جلس دون أن يكف عن البكاء في وقت هرعت فيه للمطبخ وجلبت كأس ماء بارد أفرغ محتواه في بطنه، وهدأ قليلا بعدما ضمته إليها.
مسحت الأم دموع ابنها الذي لم يكمل 15 ربيعا بعد. مررت يدها على رأسه، وهي تسأل:
- مالك تبكي ومن قتلت؟
انتظرت مدة لتسمع الجواب منه بعدما هدأ نسبيا وتدريجيا. لم يكف عن البكاء، لكن إمكانية فهم ما يقول، كانت ممكنة بالنسبة لأم لم تعهد ابنها بتلك العصبية والخوف.
في صباح ذاك الأحد غادر الابن منزل الأسرة، باكرا. اعتاد على الجري وممارسة الرياضة في غابة مجاورة، كلما كان في عطلة وسنحت له الظروف. الحفاظ على صحته ولياقته البدنية، مطمحه بتشجيع من والديه.
كان مرافقه في خرجته الرياضية في ذاك الصباح، ستيني صديق والده. جريا متقاربين وقصدا محيط ملعب رياضي لممارسة حركات رياضية. كانا في كامل حيويتهما، يجريان وهما يكلمان بعضهما بين الفينة والأخرى.
بعد نهاية الحصة، اقترح الصديق على صغير صديقه، مرافقته لمنزله القريب للاستحمام والاستراحة. ألح عليه، فلم يرفض طلبه لمعزتك الكبيرة وثقته العمياء فيه باعتباره بمثابة أب ثان له.
ترجلا يحدثان بعضهما قبل أن يصلا المنزل ويدخلاه. رحب به وتركه في الصالون، ليتوجه إلى الحمام. وبعد ثلث ساعة خرج منه، تاركا الفرصة للطفل لاستحمام لم يطل ليعود لنفس مكانه.
الستيني يتحرك بين المطبخ والصالون ولا يكف عن سؤال الطفل حول دراسته وتفوقه وإمكانية الانخراط في نادي رياضي محلي. بقي على هذا الحال، مدة قبل أن يجلس بجانبه مواصلا الحديث.
كان الطفل يضع رجلا فوق أخرى وقد استلقى على مخدة بشكل يريحه أكثر. صديق والده، كان يقترب منه تدريجيا إلى أن احتك جسداهما من جانبيهما. حرك يده اليمنى في حركة بطيئة في اتجاه فخذه، فردها بأدب. العملية تكررت 3 مرتا بشكل جعل الطفل يشك في أمره، قبل أن يطلب منه أن يكف عن تلك الحركات.
حينها كشر المسن عن أنيابه وتعرى مما يجب أن يتحلى به من كرم أخلاق واحترام لطفل نهض وحاول الفرار، لكنه تعقبه جاريا محاولا نزع سرواله بشكل زاد من مخاوفه، ليدخل المطبخ ويحكم إغلاق الباب عليه.
وجد الطفل سكينا وانتظر قليلا قبل أن يخرج بعدما اعتقد أن روع الشيخ هدأت غريزته. لكنه فوجئ به بمجرد فتح الباب. حاول تحاشيه، لكنه انقض عليه. كانت السكين ما تزال في يده، فضربه بها.
طعنه طعنة في البطن، فثانية في الصدر، قبل أن يتهاوى أمام عينيه. كان يصرخ ويعاتب في لحظة احتضار استغلها الطفل وفر وسار جاريا إلى منزل عائلته وقلبه يكاد ينفلت من بين جسده. وبوصوله دق الباب وفتحت الأم وحكى لها ما جرى.
اتصلت الأم بوالده وحضر ورافقه إلى مركز الأمن ورافقته عناصره إلى المنزل حيث كان الشيخ جثة هامدة على مشارف المطبخ.