أطفال قتلة...قتل والدته يوم عرفة

الكاتب : الجريدة24

03 أغسطس 2023 - 09:45
الخط :

 

فاس: رضا حمد الله

صراخه الهستيري بلغ مسامع حتى من هم في منازلهم، وأثار انتباه وفضول كل المارة والمرتكنين فوق كراسي مقاهي ذلك الحي الشعبي. الرؤوس أطلت من النوافذ والأعين تلصصت ما يقع لمعرفة سر هيجانه.

+ إيوا عيدو دابا بصحتكم.

كان ينطقها ويكررها وهو يصرخ بأعلى صوته، مترجلا بسرعة من باب منزل عائلته في اتجاه وسط الشارع. كل من رآه تساءل في قرارة نفسه، عن سر هذا الغضب الظاهر على محياه في يوم عرفة قبل ساعات من عيد الأضحى.

في يده أداة رادة لم يترك الدم إلا بقعا متناثرة لم يعمها في جزئها الحديدي. كان يلوح بها، يرفع تارة إلى فوق وينزلها فيما بعد بشكل مستو على جانب رجله اليمنى. كان مستعدا لكل شيء، إلا الهدوء والصمت والكلام بشكل يفهمه الكل.

الدم وهيجانه استشعر منهما من رآه، حدوث خطر لعائلته الصغيرة. أمه وأخته وحدهما يقطنان معه في ذاك المنزل، بعدما توفي والده قبل سنين خلت.

جارات الشقة هرعن لداخلها لمعرفة ما وقع. كانت الباب مشرعة. اثنتان دخلتاه، وسمع صراخهما واستنجادهما من بعيد.

+ قتلهم المسخوط

هكذا صاحت إحداهما، بشكل استنفر كثير من الواقفين في مدخل الزنقة. أما آخرون فحاولوا السيطرة عليه والحيلولة دون ارتكابه الأسوء. الحالة التي كان عليها، لا تبشر بخير، فقد يرتكب ما هو أبشع.

كانت الأم جثة هامدة بدخول الجارتين، وحركة ابنتها مشلولة. الأولى مصابة بجرح غائر في رأسها، وابنتها جرحها أرحم في مؤخرة رأسها، لكنها ما تزال حية عكس الأولى.

تجمع الجيران وربط بعضهم الاتصال بعناصر الأمن، وحضرت بتعزيزات مهمة. فريق منهم تكلف بمحاولة إيقاف الابن الذي لم يكمل ربيعه السادس عشر بعد، وآخرون تكلفوا بالمعاينات قبل نقل جثة الأم لمستودع الأموات والابنة لقسم المستعجلات. المشهد لا يتحمله أحد، ضحيتان وجريمة في عز الفرح والاستماع إليه.

بصعوبة سيطر عناصر أمنية على الجاني الهائج، بعدما أطلقت رصاصتين تحذيريتين في الهواء استسلم معهما. صفد ونقل إلى مقر ولاية الأمن للتحقيق معه، في وقت كانت الأم وأخته في المستشفى قبل التثبت من وفاة الأولى.

كان الفتى مدللا أكثر من اللازم من طرف أمه. لم تكن ترفض له طلبا سيما منذ توفي زوجها. كانت تخاف عليه من الانحراف وتوفر له كل حاجياته وطلباته وكماليات أحيانا. دلالها زاد من طلباته دون أن يراعي ظروفها ومحدودية دخل الأسرة. كل همه التباهي بين أقرانه بأجمل ما يلبس وأغلى ما يصرف وينفق على نفسه.

في الأيام الأخيرة لما وقع، كان يلح على أمه لشراء دراجة نارية. أقنعته بانتظار توفير مبلغها، طالما أن المناسبة عيد والمفروض شراء أضحيته. مرارا حاولت إقناعه، لكنه لم يسمع كل وعودها، مصرا على أن يكون شراؤها في أقرب وقت.

في ذاك اليوم تجدد الطلب والنقاش، هو يلح عليها وهي تحاول إقناعه وأخته قبالته تسمع وتحاول بين الفينة والأخرى جبر خاطره لعل وعسى يتفهم وضعية الأسرة.

التهبت أعصابه ولم يحترم أحدا ممن بالمنزل. وضع أغضب الأم التي طالبته بمغادرته والاعتماد على نفسه. كانت فقط تحاول إيجاد مخرج لورطة ما توقعتها من ابن أحاطته بكل الحب ولفته في إزاره.

غضب الأم لم يتقبله، وتوجه إلى ركن بغرفة تخفي فيها أداة رادة كانت اقتنتها قبل أيام استعدادا للعيد. تناولها وخرج يتوعدها. لم يكتفي بالسب وتجرأ عليها، باغثها بضربة أصابتها في مقدمة رأسها بشكل سقطت معها مغشي عليها.

ولما حاولت الأخت وقف اندفاعه ومحاولة ضرب أمهما من جديد، أذاقها من نفس المرارة، مصيبا إياها.

فعل ذلك وخرج مسرعا وهو يصيح ويتوعد، بعدما حول فرح العيد إلى مأثم، دون أن يعي خطورة ما فعل إلا بعدما وجد نفسه وحيدا على كرسي خشبي بولاية الأمن في انتظار استنطاقه.  

آخر الأخبار