"تجار وسماسرة الأزمات" الذين يغتنون على ظهر المنكوبين

الكاتب : الجريدة24

16 سبتمبر 2023 - 04:00
الخط :

أمينة المستاري

  بعد أن تسلم شحنة من المواد الغذائية كأمانة لإيصالها إلى أهلها بالمناطق المنكوبة من الزلزال، حاول أحد صاحب سيارة نفعية الاستيلاء على المواد الغذائية، فكر في طريقة مناسبة لتصريف المواد والحصول على مبلغ مناسب، فلم يكن منه سوى الاتصال بصاحب سيارة أجرة وعرض عليه اقتنائها بأثمنة تفضيلية، لكن الحس الوطني كان عاليا لدى السائق الذي قام بفضحه، وقام بالإبلاغ عنه ليتم إيقافه على الفور.

بتمارة أيضا سقط ثلاثة من "باردي الكتاف" ( سائق شاحنة ومساعده، بقال) في قبضة الأمن، بعد أن حولوا وجهة  شحنة من المساعدات الموجهة للمنكوبين إلى مخزن تابع لبقال من أجل التصرف فيها، طمعا في الحصول على أموال صرفها مغاربة من أجل إعانة إخوتهم في أعلي الجبال والمناطق المنكوبة جراء الزلزال.

هي بعض الحوادث والحالات التي أثارت امتعاظ وحنق المواطنين، الذين استنكروا تصرفات "خونة الوطن" الذين اغتنموا الفرصة للنصب والاحتيال والسرقة في ظل الأزمة والمأساة التي يعيشها سكان تلك المناطق، وجعلت النيابة العامة والسلطات الأمنية تقف بالمرصاد لهم ولمن يواليهم.

ففي الوقت الذي أبان زلزال الحوز عن معدن المغاربة، الذين استنفروا إمكانياتهم، كل حسب استطاعته، لمساعدة أبناء وطنهم المتضررين من زلزال الحوز، تارودانت وشيشاوة...بعد أن عاش بعضهم في مدن أخرى تجربة ولحظات صعبة من لحظات الزلزال وشاهد البعض  الآخر صور ومشاهد الدمار الذي عم المناطق المنكوبة، التي أثار أحاسيس المغاربة وبكاءهم وتعاطفهم، خاصة تلك الدواوير التي تحولت إلى أثر بعد عين في ثوان، وتداولت صور أطفال فقدوا أسرهم وأحباءهم، ومسنين انتشلوا من تحت الأنقاض...ظهرت كائنات ومخلوقات استغلت هذه الظروف سواء على شكل "عصابات"  تعترض طريق المساعدات لتحويل مسارها وتخزينها في مستودعات لإعادة بيعها، أو بعض "التجار" الذين فضلوا مضاعفة الأثمنة للاغتناء.

مآسي ومصائب الحوز استغلتها هذه الفئة، التي تعتبر استثناء في المجتمع المغربي، ولا تمثل المغاربة الأحرار، اعتبرها الكثيرون "أمور شاذة والشاذ لا يقاس عليه" ووصف البعض أصحابها ب"خونة الوطن"، فقد سئل حكيم ذات مرة عن من هم خونة الوطن، فأجاب:  هم "من ازدهرت أحوالهم يوم جاعت أوطانهم".

فمباشرة بعد الزلزال، انطلقت الدعوات لجمع مساعدات مادية وعينية لضحايا الزلزال، وانطلقت عملية اقتناء الأطنان من المواد الغذائية والأفرشة والألبسة من المحلات الكبرى والمتاجر بحماس وتضامن كبيرين أثارا دهشة العالم، كما تجند المتطوعون والجمعيات وأرباب الشاحنات لحمل تلك "الأمانة" إلى أهلها من المتضررين، و رصد آلاف المواطنين مبالغ مالية وضعوها في الصندوق المخصص لذلك...

هي "النية" التي تشبع بها المغاربة وجعلتهم يقطعون الكيلومترات لإيصال المساعدات إلى الجبال والمسالك الوعرة، لكن في الجهة المقابلة كان أصحاب "سوء النية" من السماسرة وتجار الأزمات يترصدون بعض تلك المساعدات، مستغلين صعوبة المسالك ووعورتها في بعض الدواوير وجهل بعض المتطوعين بالطرق والدواوير المتواجدة لتحويل مسار الشاحنات أو اقتناص الفرصة لسرقة بعض المواد الغذائية  بالمتواطئ مع بعض الأشخاص بهدف تخزينها والتلاعب بها.

فاعلون جمعويون أثاروا المشكل في أوديوهات وفيديوهات، وحكوا عن تجار الأزمات والانتهازيون الذين يغتنون على حساب الفقراء وضحايا النكبات.، ففي الوقت الذي جاهد المواطنون لجمع مساعدات، ومنهم من تبرع بالقليل رغم فقره، يقوم "خونة الوطن" ذوي الضمائر الميتة و"الكتاف الباردة" بسرقة "عرق" المواطنين الموجه لمنكوبي الزلزال من الشاحنات أو توجيه مسارها بدعوى غياب المسالك المعبدة، وبيعها لدكاكين تعيد بيعها للمواطنين الذين قاموا باقتنائها، حسب شهادات بعض المتطوعين في القوافل المتوجهة لتلك المناطق.

تجار "الأزمات" لا ينتمون لتلك المناطق، بشهادة مجموعة من ساكنتها، وما يقومون به ليس من شيمهم، خاصة وأن شهادات بعض الساكنة تؤكد توافد بعض الدخلاء لتسلم الإعانات لإعادة بيعها، مما جعل أهل إحدى الجماعات تقوم بإحصاء لعدد الدواوير وتوزيع الإعانات بينها وتكفل لجنة بتوزيعها بشكل عادل، وعلى أشخاص ينتمون إلى المنطقة ويعرفونهم حق المعرفة لقطع الطريق أمام "النصابة" بعد انتشار فيديوهات لجمعويين ومتطوعين يعرضون أنفسهم للخطر بتنقلهم إلى منطقة الزلزال، يحكون عن حوادث اعتراض الطريق قبل وصولهم إلى الدواوير بكيلومترات لإقناعهم بعدم وجود منكوبين أو بوجود طريق خطر، وعرضوا عليهم شراء السلع والمواد الغذائية.

تجار من نوع آخر ظهروا خلال الأزمة، بنشرهم أرقام حسابات بنكية لتلقي المساهمات بادعاء التكفل بتوجيهها إلى المنكوبين.

ما وقع ويقع بالمناطق المنكوبة أو ببعض المدن التي خصصت جهات الدعم واستغله "ضعاف النفوس والمتاجرين بمآسي السكان " لمحاولة بيعه أو تخزينه( تمارة، سطات...) ، جعل متطوعين وفاعلين جمعويين يرفعون أصواتهم للمطالبة بمحاسبة من لا ضمير له، والضرب على أياديهم حتى يكونوا عبرة لآخرين. وطالب آخرون بأن يمسك الجيش والسلطات زمام الأمور للقطع أمام تصرفات "خونة الأمة" بالتنسيق مع الجمعيات والمتطوعين لتوزيع الإعانات لمستحقيها، وذلك حماية لهم ولأهل المنطقة ولمساهمات المتبرعين، وإيداع المساعدات بأماكن آمنة تتوفر فيها شروط التخزين إلى حين توزيعها، حتى لا يتم تشويه وإيذاء صورة التضامن الاجتماعي المغربي .

 

آخر الأخبار