أعلام فاس وعلماؤها…الحافظ المكي بنكيران حاتم المغرب

الكاتب : الجريدة24

04 مايو 2024 - 04:00
الخط :

 فاس: رضا حمد الله

لم يكن سطوع اسم الحافظ المقرئ المكي بنكيران المعروف بلقب "حاتم المغرب" بمحض الصدفة، بل رسم مساره العلمي باجتهاده وثبت نفسه بين علماء فاس والوطن، بما راكمه من علاقته وتعلمه على يد معظم مشايخ فاس وأخذه الكثير من منافع العلم عن معظم مشايخ ديار الحجاز الأعلام.

وكان ميلاده وسط أسرة علم ودين وصلاح بقلب فاس العتيقة، محفزا له منذ صغره. وبدأت محبته للقرآن الكريم مبكرا في مقتبل عمره، لما قرأه واستظهره برواية ورش عن نافع، حيث كان لمقرئ فاس الشيخ أحمد عامر البرنوصي، دور كبير في حفظه وتعلم مبادئ العلوم من لغة ونحو وبيان.

على يد مقرئ فاس تعلم أيضا مبادئ الفقه والتزكية، قبل أن تفتح له في الثلاثينات من عمره، فرصة السفر للسعودية لقضاء شهر رمضان وأشهر الحج بين الحرمين الشريفين، في مدة تلقى فيها حروف القراءات وتعلمها وحيث جالس أهل العلم هناك، فحقق أماني راودته وحلمه المرغوب.

وقبل ذلك رسم خيوط مساره مبكرا بفاس وسط أسرته وعائلته المكونة من قضاء وعلماء وتجار، قبل دخوله جامع القرويين ولم يدم وجوده فيه طويلا بعدما اضطر للتفرغ لممارسة الجنس لمساعدة أسرته، دون أن يمنعه ذلك من مواصلة الارتباط بالعلم والعلماء في هذه المدينة العلمية بامتياز.

لكن احتكاكه بعلماء الشرق الأجلاء بعد سفره إلى الحرمين الشريفين كان له وقع أكبر خاصة في مجال اهتمامه بعلم القراءات، خاصة منهم محمد فتح شيخ القراء بالهند وعبد العزيز عيون السود شيخ قراء الشام وآخرون احتك بهم في المجال العلمية، منهم عبد الغفور الداروبي وعباس قاري.

ولم تكن المجالس العلمية في الديار المقدسة، مجرد حلقات للاستفادة الشخصية بالنسبة للشيخ المكي بنكيران المتوفى في سنة 2001 بعدما اقترن اسمه بالقرآن وقراءاته وتجويده وتدريسه بفاس، بل أفاد بدوره في تلك المجالس العديد من الطلبة من مختلف البلدان الإسلامية.

ولم يكن المكي مجرد طالب مجتهد، بل أصبح مع بداية سبعينيات القرن الماضي، مدرسا بجامع القرويين والزاوية الصديقية قبل أن يتفرغ مع بداية الثمانينات للقرآن حيث عقد عدة مجالس في اليوم الواحد مع مجموعات متعددة لعشرات الطلبة من كل الجهة، وفي أماكن مختلفة.

وبقي الرجل الذي يصفه أقرانه ب"شيخ الإقراء والمقرئين بديار فاس القرويين" و"قدوة بين أهل السلاح والرشاد"، على هذه الحال مدة طويلة إلى أن مرض مرضا مزمنا ولازم الفراش بدء من سنة 1995، دون أن يمنعه ذلك من ملازمة التدريس من منزله بعدما لم يعد يقوى على الخروج منه.

 وموازاة مع تميزه بين علماء عصره، تميز الرجل بأخلاق عالية وخصال رفيعة، ويحكي عنه من عرفه أنه كان معروفا بتواضعه وتقواه وأدبه وكرمه الحاتمي وإحسانه إلى الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى، حتى "اجتمعت عليه القلوب وأقر به بالفضل القاصي والداني" كما يحكي معارفه عنه.

"كان يكره الثناء والتكريم. ولم يبلغ أحد أذاه ولم يحمل خملا على من آذاه" و"كان لفظ لسانه بالحال: أنا العبد المسكين المفتقر للمولى".. هذه بعض من كثير الشهادات في حقه وثقها كل من عرفه وهو قائم لربه ساجد أو يعلم صبيانا بالمسجد دون أن تلهيه عن ذلك مشاغل وأهواء. 

آخر الأخبار