أعلام فاس وعلماؤها…محمد التميمي باني مسجد سبتة

الكاتب : الجريدة24

26 أبريل 2024 - 02:00
الخط :

فاس: رضا حمد الله

يعتبر الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن قاسم التميمي، واحدا من علماء القرويين انطلقوا منها في بحثهم وتدريسهم وحولوها ميدانا للمناظرة والجدل، قبل سفرهم للاحتكاك بعلماء أقطار مختلفة بالشرق والغرب تبادلوا معهم الكتب والإجازات والمعارف ينشروها بعد عودتهم إلى وطنهم.

وكان لأبيه أبي عبد الله الذي أخذ عنه العلم وسمع منه، دور كبير في انتقاله إلى مدينة سبتة وهو ما زال في ريعان شبابه، حيث رافقه إليها وتتلمذ على أيدي علماء آخرين منهم أبو محمد بن عبد الله المسيلي الذي انتفع منه كثيرا بعدما لازمه في مرحلة مهمة قبل أن يرحل إلى الأندلس.

وقام الإمام الحافظ المحدث القاضي التميمي، في الأندلس، بجولات للقاء الشيوخ وسماع العلم عنهم، ما كان فرصة مواتية لينهل الكثير من فنون الأدب خاصة عن ذي الوزارتين الخطيب البليغ كاتب الدولة اللمتونية أبي بكر محمد بن سليمان بن القصيرة الذي التقاه ولازمه بإشبيلية.

ولم يكن وحده الذي لازمه وتأثر به، بل أيضا العلامة أبي العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري الدلائي الذي التقاه بألميريا، ومحمد بن خف بن سعيد الأندلسي ابن المرابط، وأبي عبد الله محمد بن الفرج ابن الطلاع الذي التقاه ولازمه طويلا في قرطبة وسمع عنه وكان له عليه فضل.

ومن أبرز لهم عليه فضل الفقيه الوزير أبي مروان عبد المالك بن أبي القاسم والطلاعي والقرطبي المالكي وغيرهم كثير ممن التقاهم ولازمهم في سفره إلى الأندلس في رحلة لم تكن الوحيدة ولا الأخيرة، بل رحل أيضا للمشرق فقضى 15 عاما التقى فيها أكثر من 100 شيخا أثروا فيه كثيرا.

وشكلت رحلاته للأندلس والمشرق، فرصة كبيرة للفقيه أبو محمد عبد الله بن القاضي أبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي السبتي، ليوسع مداركه ويتزود ببذور العلم، سيما أنه تحمل مسؤولياته خاصة بسبتة لما تقلد الشورى وتولى القضاء قبل رجوعه لبلده حيث أسمع الحديث وصنف التآليف.

وما مهد طريق النجاح في مهامه بالمغرب، ما تزود به من مدارك خارج الوطن، ليصبح واحدا من العلماء الملمين بالفقه والحديث الحافظين الضابطين، وهو "الحافظ الضابط، المليح السمت، المتجمل النبيل، التام الفضل، الكامل المروءة عند الخاصة والعامة، عظيم القدر" كما وصفته أمهات الكتب.

وذاع صيت الرجل في المغرب والمشرق والأندلس وكل البقاع المجاورة، فرحل إليه الناس من كل حدب وصوب وتخرج به أئمة، بل كان شيخ القاضي عياض الذي لازمه للمناظرة عليه في المدونة والموطأ وسماع المصنفات، وأجازه جميع رواياته، وأسمعه كثيرا أصناف التآليف والحديث.

وكان للتميمي الذي توفي بفاس، فضل كبير على طلبته الذين تخرجوا على يديه من أهل العلم والأئمة الكبار، ومنهم أبي محمد عبد الله بن أحمد بن خلوف الأزدي المعروف ب"ابن شبونة"، وأبي بكر بن صلاح، والقاضي عياض اليحصبي السبتي الذي أسهب في الحديث عنه.

"كان من أحسن القضاة سيرة وأزنههم، وأجرأهم على الطريقة القويمة، فمضى فقيرا حميدا" هكذا تحدث القاضي عياض عن التميمي الذي من مآثره الحميدة أنه بنى جامع سبتة وعزله نفسه من القضاء ثم طلبوه بفاس وولوه قضاء فاس، لكن الحنين أخذه حينها إلى وطنه الذي عاد إليه.

آخر الأخبار