قصة بوحمارة على لسان جاسوس فرنسي

الكاتب : الجريدة24

25 أبريل 2024 - 04:00
الخط :

أمينة مستاري

لم يطل تحمس الناس بفاس لمولاي عبد الحفيظ، فلم يرقهم أن المخزن الجديد عبارة عن بدو وبربر، واعتبروا أن تعيين ابن الزياني عاملا على المدينة ضربا للأرستقراطية المغربية ولقبائل الكيش.

لم يف السلطان بوعوده واتفاقه مع أهل فاس على الجهاد وترك الأوربيين يدنسون حاضرة مولاي ادريس وعادت الضرائب المجحفة، وتم تجريد الشرفاء والعلماء من سلطتهم فقامت بمعاداته متحسرة على عهد مولاي عبد العزيز.

رغم ذلك تمكن مولاي عبد الحفيظ من ترسيخ سلطته وإزاحة كل من يقف في وجهه كشقيقه الأكبر محمد الذي أعلنته القبائل المجاورة لقصبة الصخيرات سلطانا، كما أعلن الريسوني ولاءه له، وفقد محمد الكتاني أنصاره بعد مجيء السلطان ووقع أسيرا ثم لقي حتفه

أما بوحمارة ففقد أتباعه إلا التسول وغياتة وفي فترة هام على وجهه كهارب بين ملوية وتازة ومعه فقط بضع مئات من الفرسان، فقام مولاي عبد الحفيظ بمحاول القضاء عليه لكن سوء الأحوال الجوية أعاق تنفيذ المهمة.

حاول بوحمارة التقرب من جبالة، لكن البعثة العسكرية الفرنسية بمرافقة ملازم أول وضابطان مساعدان ومع أول اشتباك فر أنصار الروكي وفر إلى أحد الأضرحة، لكن أيدي الفرنسيين طالته وأسر ثم اقتيد إلى فاس.

قام مولاي عبد الحفيظ بقطع رؤوس الثوار وبتر أطرافهم ، فيما أعدم الروكي يوم 10 شتنبر  1909 في ظروف غامضة.علم الطبيب فريديريك أن بوحمارة تم اقتياده من طرف رئيس الحرس وأطلق عليه الرصاص وتم قطع رأسه وألقيت جثته في قفص الأسود بقصر السلطان، قبل أن يتم إحراق جثته.

لم ترق طريقة تصفية مولاي عبد الحفيظ أعداءه للأوربيين، واحتجت الهيئة الدبلوماسية في طنجة، لكن السلطان تعلل بكونها من تعاليم الشريعة، وكونها طريقة لتأديب المتمردين.

بعد بيعته الرسمية أظهر السلطان وجهه الآخر لتبدأ المصاعب مع فرنسا، ولم تسفر المفاوضات التي أجرها الفرنسيون معه عن شيء، بعد أن أعاد النظر في وعوده لهم، إلا ما تعلق بتعيين مهندس فرنسي ليكون مستشارا للمخزن في الأشغال العمومية وعدم تنظيم جيشه إلا بالمدربين من البعثة العسكرية الفرنسية.

في 8 فبراير، تم الاتفاق ببرلين بين الحكومة الفرنسية والألمانية على إشراك مواطنيها في مشروعاتهما الاقتصادية في المغرب، وتم الاعتراف بمصالح فرنسا السياسية المترتبة عن الجوار مع الجزائر، لكن الاتفاق بقي حبرا على ورق لعدم تفعيله.

حاول الحاج المقري الحصول على قرض فتوجه إلى فرنسا لتسوية المسائل العالقة مع الحكومة الفرنسية، وتم في 4 مارس 1910 توقيع الاتفاق على أن يتم إخلاء الأراضي المحتلة من طرف فرنسا بمجرد إقامة قوات يمكنها أن تحفظ الأمن .

وقع المقري على عقد بقرض 90 مليون مرهونا بعائدات الجمارك واحتكار فرنسا التبغ والكيف وعائد الأملاك الجماعية في نطاق 10 كيلومترات من حول المراسي.

سدد المخزن الديون ولم يتبق لمولاي عبد الحفيظ شيء حتى يعيد تنظيم قواته، ولا ما يدفع به أجور  طوابير الشرطة ، فأرغم المقري على العودة إلى فرنسا لطلب قرض آخر  لتنظيم الجيش وتسديد رواتب شرطة المراسي...وتم توقيع اتفاق في مارس 1911 لدرء الخطر الذي عرض له الفرنسيون المخزن، هذا الأخير لجأ إلى أساليب ضريبية شنيعة ظل مطالبا بإلغائها.

تعكر مزاج مولاي عبد الحفيظ، خاصة أمام موفد فرنسا واسبانيا، هذا الأخير عرض احتلال بلاده للجبال المطلة على مضيق جبل طارق بين سبتة وطنجة، وتأييد امتيازات حصلت عليها شركات اسبانية من الروكي...ما زاد من قلق السلطان، ورفض العرض ، في الوقت الذي عادت الشركات المنجمية وسلطات مليلية " غير مبالية بقرار السلطان، إلى مباشرة ما تركته من أشغال فكانت حرب الريف.

آخر الأخبار