أعلام فاس وعلماؤها…الزرويلي الصغير قاضي فاس وسفير المرينيين بغرناطة

الكاتب : الجريدة24

29 مارس 2024 - 11:00
الخط :

 فاس: رضا حمد الله

لم يترك القاضي السفير أبو الحسن علي بن محمد الزرويلي المعروف ب"الصغير"، تآليفا كثيرة على غرار أعلام وعلماء فاس الآخرين. لكن بصمته في مجالي التدريس والفتوى لا ينكرها أحد عالم بمساره فيهما طيلة حياته وإلى أن وافته المنية في فاس ودفن خارج باب عجيسة بجبل الزعفران.

ولم يتأتى له التأليف والجمع بسبب انشغالاته الكثيرة ومهامه المتعددة، لكن تلامذته نابوا عنه وقيدوا تقاييد متنوعة من تعليقاته وشروحه وحتى ردوده على كتاب "التهذيب" للبرادعي، كما على "الرسالة الفقهية" أو ما يعرف ب"رسالة ابن أبي زيد القيرواني الملقب ب"مالك الصغير".

وترك الرجل المتوفى في 719 هجرية، تقييدا على المدونة شرحها في عدة مجلدات، وتأليفا هو "الدر النثير في النوازل والأحكام"، وغيرها من التقاييد التي تدل على اهتمامه الكبير بالفتوى والتدريس والنقد الفحص والاجتهاد، ما يتفق ووظيفته الأولى كقاض فطن وذكي وذو خبرة.

وعرف عنه لما تولى مهمة القضاء، حكمه بيد من حديد دون وجل أو خوف، بعدما كان أبو الربيع عضده في ذلك، فأقام الحق وجرى في العدل على صراط مستقيم، ومن ذلك أمره بإقامة الحد على أحد سفراء ابن الأحمر إلى فاس، لما ضبط في حالة سكر، فجلد، ما كان سببا في فتنة.

وولي أبو الحسن الصغير قضاء مدينة فاس على عهد سليمان حفيد يعقوب حيث ولاه في المهمة خلفا لأبي غالب المغيلي، بعدما تولى قضاء تازة أيام أبي يوسف يعقوب المريني. كما تولى مهمة السفارة للملوك المرينيين إلى مملكة غرناطة بين سنتي 708 و710 في ولاية أبي ربيع سليمان.

وخلال تلك الفترة ألقى الرجل دروسا بجامع غرناطة و"كان ربعة آدم اللون خفيف العارضين، يلبس أحسن زي، وقال كان حسن الاقراء وقورا صبورا ثبتا" كما وصفه لسان الدين ابن الخطيب في أحد مجلدات "الإحاطة" تحدث عنه بإسهاب موثقا لفترة سابقة لميلاده اعتمادا على النقل والسماع.

وموازاة مع اختيارها قاضيا لتازة وفاس وسفيرا لمملكة غرناطة، عرف عن الرجل الكثير كفقيه مالكي قيم على تهذيب ابن البرادعي حفظا وفهما، ومميزا في الحفظ والاستظهار، حيث كان يفتح في مجلسه على أكثر من الثمانين ديوانا، إضافة لشهرته في مجال الفتوى والتدريس.

ولم تكن هذه المهام قادرة على إبعاد الرجل عن التدريس الذي رهن له كل حياته تقريبا، حيث كان يدرس ويلقي دروسه بجامع الاجدع بالطالعة )سيد اللزار( بمدينة فاس العتيقة، بعدما رشحه لذلك أبو عنان المريني، وكان مما نقم عليه حينها، اتخاذ شمان لمراقبة شاربي الخمر.

ولم تكن فترة التدريس التي طالت أكثر من 4 عقود وانته به إلى الرئاسة العلمية، لتمر دون أن يترك أثرا خاصة في تلاميذه الكثيرين الذين تخرجوا على يديه واشتهروا بمقدرتهم العلمية ومنهم إبراهيم اليزناسي الفقيه العالم وكان مفتيا بفاس، وإبراهيم التسولي التازي الفاسي من أهل فاس.

ومن تلاميذه أيضا محمد الكرسوطي صاحب "الغرر في تكميل الطرر" و"الدرر في اختصار الطرر وتلخيص التهذيب"، وبن علي بن سليمان السطي وعبد العزيز القروي وأبو سعيد عثمان السلطان المريني وغيرهم كثير ممن شهدوا له وبشهرته التي فاقت الآفاق وتجاوزت حدود المغرب.

وما كان له أن يكون كذلك لولا فضل شيوخ كثيرين عليه ومنهم الفقهاء عبد العزيز القروي وعبد العزيز الورياغلي وغيرهم كثير استفاد منهم أيضا في مجال العدالة وإحقاق الحق وإزهاق الباطل ولو أصابتهم من ذلك رزازة في فترة تمتع القضاء باستقلال تام وشجاعة في إحقاق الحق.

آخر الأخبار