مشاهد من مغرب ما قبل الاستعمار

الكاتب : الجريدة24

06 مايو 2024 - 11:00
الخط :

أمينة المستاري

بتاريخ 14 يوليوز، سار فريديريك من فاس في اتجاه القصر، بعد خمسة أيام من المسير تحت الشمس الحارقة وصل إلى مشارف وادي اللوكوس والمنطقة الخاضعة لنفوذ الريسولي ، وتزامن ذلك مع الاحتفالات بعيد الأضحى.

نصب خيمته في حديقة على أبواب المدينة، واستضافه العون القنصلي بواسي،  والريسولي الذي منحه مؤونة "باذخة". زاره الجاسوس الفرنسي ولقي تعاملا وتصريحا مقتضبا فقد كان يهم بالخروج للقاء المقري، حيث بادر فريديريك بالقول أن فرنسا بلد عظيم وباريس أجمل مدينة في العالم ويكفي أن يكون الشخص فرنسيا ليتبوأ مكانة في قلبه...انتقل فريديريك إلى طنجة بومنها عاد إلى باريس.

عاد فريديريك في 1910 إلى طنجة،  وتحدث في مذكراته الشخصية عن لقائه بقنصل إسبانيا وقائد طابور الشرطة في العرائش، فقد أصبح لإسبانيا نفوذ فيها كما أن الشركة الألمانية أصبحت تباشر أعمالها في المرسى.

تجول الجاسوس الفرنسي في مناطق الشمال بين أصيلا، العرائش، عرباوة، والشراردة ...للاستعلام عن الأوضاع التي بدأت تسوء، فالقبائل شرعت في الاتحاد فيما بينها ضد المخزن، وتنبه السلطان لخطورة الأمر، ولم يكن أمامه سوى التقرب من الفرنسيين لاسيما وقد أرسل سفيره لإجراء مفاوضات مالية، يروم منها إعادة تنظيم جيشه، في وقت كان الرأي العام المغربي يميل للتواجد الفرنسي عوض سلطة المخزن ويترقبون تأديبه.

خرج فريديريك من فاس في 1911، في تلك الفترة كان العصيان عنوانا للأوضاع بزمور وكروان والشراردة، فتسلل إلى سهل بني حسن المطيعة، في وقت انتشر قطاع الطرق واللصوص، وكان سكان بعض الدواوير يقومون بحماية دواب الفرنسي ومن معه، إلى أن وصل الرباط.

كان الجاسوس الفرنسي فرحا بالنفوذ الفرنسي هناك، ومعجبا بعمل القنصل لوريش وبمهنية طابور شرطة يتولاه ضباط فرنسيون، وخدمات مستوصف فرنسي ومدرسة فرنسية عربية تضم 70 تلميذا.

رحل فريديريك بعد يومين إلى الدار البيضاء، وفي الطريق التقى تجريدة فرنسية بالصخيرات وفوق قصبة بوزنيقة طالعه العلم الفرنسي، وعبر في مذكراته عن إعجابه للعمل الذي قام به الجنود الفرنسيون  تحت قيادة الجنرال داماد وموانيي.

عاد إلى الدار البيضاء وقد تغيرت معالمها عن 10 سنوات مضت. قضى بها 15 يوما لاحظ تغييرات عديدة وعلم من خلال أحاديثه مع الساكنة أنها راضية عن الوضعية التي صارت بوجود الفرنسيين الذي انتشلها من الفوضى والبؤس واستتباب الأمن والرفاهية، واستخلص أن المغاربة كانوا مستعدين لتقبل الاحتلال بل والقتال إلى جانب الفرنسيين، باستثناء بعض النقط السوداء التي لخصها الكاتب في الفوضى التي سادت المعاملات العقارية وتبديد أملاك الدولة وأملاك الحبوس.

أكد فريديريك أن الجاليات الأوربية ازدادت وصار معها مسألة الدفاع عنها ضروريا، خاصة ولم تعد هناك نزعة عدوانية من ساكنة المغرب اتجاه الأوربي، وعرفت الدار البيضاء نموا اقتصاديا هائلا أرجعه الأوربيون لاستتباب الأمن وعودة الهيبة الأوربية وتيسير المعاملات مع المناطق الداخلية...

انتقل الجاسوس إلى مراكش لإتمام عمله وإعداد خريطته، فكان يجول في ضواحيها، وكانت أخبار فاس تصله دون أن تؤثر على الحوز، لكن مع الوقت بلغ العصيان الجنوب بسبب السخط الناجم عن جشع كلاوة أصحاب السيادة المطلقة على الجنوب.

ذكر فريديريك أخبار خمسة قياد في عهد مولاي عبد الحفيظ: المدني الكلاوي، عيسى بن عمر، أحمد أنفلوس، الطيب الكندافي، عبد المالك المتوي ومصير كل واحد منهم.

بالنسبة للكلاوي فقد اتسعت سلطته فأصبح يسود في الحوز وتمتد سيادته من الأطلس إلى أقصى سوس فالنواحي النائية من وادي درعة، وعلى مسفيوة وتكانة. أما أخوه الحاج التهامي باشا مراكش، فكان يحكم آيت إيمور وأولاد دليم والمنابهة وتيكنة ومجاط وكدميوة ومزوضة. كما كان له أخ هو سي حسي القائد على سكساوة وعيغانة، فيما الأخ الرابع هو سي علال عامل دمنات وفطواكة.

أكد فريديريك أن ثلثي المبالغ التي طان يحصل عليها الكلاوي كانت تحول إلى قصبتي تلوات وأغبالو في الأطلس عوضا عن أن تأخذ طريقها إلى فاس.

آخر الأخبار