مغرب ما قبل الاستعمار بعيون جاسوس فرنسي/ الحلقة 27

الكاتب : الجريدة24

08 أبريل 2024 - 06:00
الخط :

 أمينة المستاري

حاول متمردو دكالة الهجوم على قصبة السي عيسى بن عمر بذريعة أن السلطات العسكرية ستفرض عليهم قيادا عينهم مولاي عبد الحفيظ من قبل، لكن أنصاره كبدوهم خسائر وقتلوا قائدهم ولد محمد العوني، ثم استدعى السي عيسى قبائل دكالة ونصحهم بالتوجه عند الكولونيل مانجان والدخول في الطاعة ومقاومة الفتن...وقد راسل فريديريك الكولونيل وأخبره بقرار المناديب وشرح له الهاجس الذي جعلهم يخافون القياد ورغبتهم في تغييرهم.

توصل الجاسوس الفرنسي في 10 أكتوبر برسالة من الكولونيل، يؤكد فيها سعادته من التعاون مع فريديريك لمعرفته الكبيرة بالبلاد، ويؤكد تشبته بالسي عيسى لعدو وجود شخصية أخرى يعتمد عليها ويجب دعمه، لكن حذر من إمكانية ازدياد نفوذه لذلك لا يمكن أن يعول عليه كثيرا. ورأى الكولونيل أن لا يجب التسرع في عزل القياد الذين أثاروا سخط الأهالي، لذلك دعا إلى الانتظار إلى حين إنهاء حالة بيع الظهائر التي قام القياد المعينون بدفع ثمنها مقابل توظيفهم لذلك قاموا باستغلال الناس لاسترجاع ما دفعوه مقابل ذلك، وأضاف أن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يضر بهيبة فرنسا داخل المغرب. كما حذر من موقف السي عيسى الذي بدا له "غامضا" بعض الشيء، خاصة وأنه اطلع على بعض رسائله يدعو فيها الرجال للانضمام إليه وليس لملاقاة الكولونيل، وطالب هذا الأخير من فريديريك أن ينبه السي عيسى واستمراره في التأثير على رعاياه من الثائرين والمتمردين.

لم يكن فريديريك يتقاسم نفس الرأي مع الكولونيل، لأنه يرى أن الاحتفاظ بقياد يبغضهم السكان يعد خطرا، ويهدد باصطفاف دكالة إلى صف الهيبة، وكان الجاسوس مقتنعا أن السي عيسى يقوم بالمطلوب منه، خاصة وقد التحقت دكالة به باستثناء أولاد فرج والعونات.

اقترح فريديريك على الكولونيل عقد لقاء بينهما لشرح وجهة نظره، لكن الرسالة وصلت متأخرة فقد خرج مانجان إلى مشرع بن عبو، ومنه إلى مراكش.

كانت السيبة تستفحل بدكالة، رغم محاولات السي عيسى لتهدئة الأوضاع، مما أدى لإرسال الشريف الأمراني عم السلطان وتجريدة بقيادة الكولونيل جوزيف، لكن الفوضى كانت قد عمت.

يذكر الجاسوس الفرنسي فريديريك وايسجربر في مذكراته الضخية بعض الأحداث المتسلسلة فإعادة عيسى بن عمر لقيادته احمر وآسفي، وإيداع الذخيرة ، وتعيين القائد شولتز للحلول بقصبة سي عيسى في حال خروجه في حملة.

في 15 غشت 1912، الذي صادف أول يوم في رمضان1330هـ، رحل مولاي عبد الحفيظ إلى فرنسا، وتمت مبايعة مولاي يوسف من طرف علماء فاس، وفي اليوم الموالي اجتاز الهيبة الأطلس من خنق أمسكرود، بمعية شقيقي المتوكي "العربي والحاج المودن" ،في الوقت الذي كان المتوكي والأخوين الكلاوي في مراكش. وعلم فريديريك أن الأوربيين واليهود التجأوا إلى آسفي بعد تعرضهم للابتزاز من احمر  الذي أعلن الولاء للهيبة الذي وصل مراكش في 19 غشت، ولقي استقبالا وحفاوة من السكان والقياد.

تلقى فريديريك رسالة من الجنرال ليوطي يخبره فيها عن ذهابه في 20 غشت إلى مشرع بن عبو وبقرب زيارته لأسفي، وأخبر الجاسوس أنه يمكن إقامة حاجز بين عبدة ودكالة يصل أسفي بالمشرع، وبذلك يمكن الضغط على مراكش من جهة الغرب، فيما تقوم قواته بالضغط سياسيا على المدينة من جهة الشمال.

التحقت منطقة الشياظمة وحاحا بالهيبة، وأعلن السي عيسى ولاءه لمولاي يوسف، وفي 31 غشت وقعت معركة بين مانجان وقوات الهيبة ببنجرير، وتلقى شيوخ عبد رسائل تدعوهم إلى الجهاد.

آخر الأخبار