غرامات بالملايين.. رسوم النفايات الهامدة تشعل الجدل في الدار البيضاء

في ظل تفاقم أزمة النفايات الهامدة التي تغزو مناطق متعددة في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، تجد المدينة نفسها أمام تحدٍ بيئي كبير يهدد جمالية فضاءاتها ويؤثر سلباً على صحة وراحة سكانها.
مشكلة النفايات الهامدة ليست جديدة، لكنها تفاقمت إلى درجة أصبحت معها مصدر قلق دائم للمواطنين والمنتخبين على حد سواء.
وما يزيد من حدة الأزمة هو القرار الأخير الذي اتخذته جماعة الدار البيضاء بفرض رسوم جديدة على التخلص من هذه النفايات، وهو قرار أثار موجة من الجدل والتساؤلات حول قانونيته وأثره على سكان المدينة.
في خطوة لاحتواء الأزمة، قررت جماعة العمدة نبيلة الرميلي البدء في تطبيق غرامات مالية على المواطنين الذين يتخلصون من النفايات الهامدة بشكل غير قانوني.
هذه الغرامات تتراوح ما بين 50 إلى 60 ألف درهم، وهي مبالغ كبيرة تم إشعار مئات المواطنين بضرورة دفعها.
لكن هذا الإجراء لم يمر مرور الكرام، إذ تعرض لانتقادات حادة من قبل بعض المستشارين في المجلس الجماعي.
من بين هؤلاء المنتقدين، مصطفى منظور، مستشار عن حزب التقدم والاشتراكية، الذي عبّر عن امتعاضه من هذه الرسوم التي وصفها بـ"العشوائية والمبالغ فيها".
وخلال الجلسة الثانية لدورة أكتوبر للمجلس الجماعي، أكد منظور أنه لا يعارض إنشاء مشاريع جديدة تهدف إلى تحسين المدينة، لكنه رفض أن تأتي هذه المشاريع على حساب جيوب المواطنين.
وأضاف أن الشركات المكلفة بجمع النفايات تفرض رسوماً مرتفعة دون أن تعتمد على قياس دقيق لكمية النفايات التي يتم التخلص منها.
وتساءل منظور أيضاً عن الأدوات التي تعتمد عليها هذه الشركات في تحديد أوزان النفايات الهامدة.
فهل تمتلك هذه الشركات فعلاً شاحنات مجهزة بأجهزة قياس دقيقة لتحديد الوزن الحقيقي للنفايات، حسب المتحدث ذاته، أم أنها تفرض رسوماً عشوائية تزيد من معاناة المواطنين؟ هذا التساؤل يشير إلى وجود شكوك حول شفافية عملية فرض الرسوم، وهو ما يستدعي مراجعة دقيقة لهذه الإجراءات لضمان عدم الإضرار بمصالح السكان.
ولم تتوقف انتقادات منظور، عند هذا الحد، بل طالت أيضاً القانون 38 من القرار الجبائي الذي أسس لهذه الرسوم.
واعتبر منظور أن هذا القرار تم اعتماده بطريقة ارتجالية وغير مدروسة، حيث لم يراعِ بشكل كافٍ مصالح المواطنين ولم يعتمد على أسس واضحة وعادلة لتحديد الرسوم بناءً على الوزن الحقيقي للنفايات الهامدة.
هذه الانتقادات تعكس حالة من الاستياء العام بين سكان الدار البيضاء الذين يشعرون بأنهم يُحمّلون عبء مشكلة بيئية معقدة دون توفير حلول فعلية وملموسة.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن أزمة النفايات الهامدة في الدار البيضاء ليست مجرد مشكلة بيئية، بل أصبحت قضية اجتماعية واقتصادية تشغل الرأي العام المحلي.
ومع استمرار الجدل حول الرسوم الجديدة، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن جماعة الدار البيضاء من إيجاد حلول فعالة لهذه الأزمة تحمي جمالية المدينة وتخفف العبء عن مواطنيها؟