"حميد المهداوي".. شتان بين "المغفل" و"الجاهل" في نظر القانون

"حميد المهداوي".. شتان بين "المغفل" و"الجاهل" في نظر القانون
هشام رماح
لربما يُرَدّ الكلام على من يتمسك بمقولة "القانون لا يحمي المغفلين"، لكون "المغفلين" لا يستثنون من المواطنين، لكن لا أحد يستطيع المراء بشأن القاعدة الفقهية القائلة "لا يعذر أحد بجهله القانون"، خاصة وإن كان الجاهل بمقتضياته، من دعاة "العلم" مثل "حميد المهداوي"، الذي يصف نفسه "صحفيا" ويناشد أن تسبغ عليه الحماية القانونية مثل معشر الصحفيين.
وكما أن "حميد المهداوي"، لا ينفك عن مسرحياته في قناته على "يوتيوب" مستدرا تعاطف متابعيه، وملتحفا لبوسا أكبر منه وهو يدعي نفسه واحدا من خدام "صاحبة الجلالة"، يواجه وزيرا، فإن له أن يعرف وهو يجادل في ما قاله حسن فرحان، رئيس وحدة قضايا الصحافة برئاسة النيابة العامة، أنه "جاهل" وليس بـ"غافل"، والبون شاسع بين الصفتين.
وفي تماد من "حميد مهداوي"، في جهالته، فإنه أخطأ تحت إصابته بمتلازمة "العظمة"، قراءة ما قاله الناطق باسم رئاسة النيابة العامة، والذي كان واضحا وضوح الشمس في نهار جميل، حينما فصل بين النشر في إطار قانون الصحافة والنشر وبين النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أمر يفصل بين قوانين المتابعة وفصولها، لكنه لم يعقل أبدا.
وقال رئيس وحدة قضايا الصحافة برئاسة النيابة العامة، إن"جميع المنشورات الرقمية التي لا تتوفر فيها شروط الصحافة الإلكترونية، وفق الشكل الذي حدده قانون الصحافة والنشر، تخرج من مجال تطبيق هذا القانون وتخضع لأحكام القانون الجنائي متى تضمنت تلك المنشورات أفعالا تقع تحت طائلة هذا القانون".
فهل من وضوح أكثر من هذا؟ أم أن عقل "حميد المهداوي"، قاصر عن الفهم، وتفكيك النصوص القانونية، وإدراك أنه أخفق حينما سمح للمحيطين به ممن يرمون إلى الزج به في السجن، أن يحشوه بتفسيراتهم الخزعبلية للقانون، وتكييفهم للوقائع وفق أهوائهم؟
ومثل أي معمي يسير على غير هدى، ضَلّ "حميد مهداوي"، السبيل، ولا يزال، وهو يمتح لنفسه صفة "الصحفي" في القضية التي يواجه فيها عبد اللطيف وهبي، وزير العدل ويواجه فيها حكما ابتدائيا حُدد في سنة ونصف حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 150 مليون سنتيم، على خلفية بثه لادعاءات ووقائع كاذبة من أجل التشهير بالأشخاص، القذف، والسب العلني، بناء على الفصول 443، 444، و447 من مجموعة القانون الجنائي.
ولأن ضلالة "حميد مهداوي" بلا قرار، لم يقف عند حد إخطاء الفهم والتقدير، لينبري عبر قناته "يوتيوب" إلى التفنن في إضاعة وقته وأوقات متابعيه وشحنهم حتى الثمالة متوسلا بانفعالات وشروحات واهية وترديد ترهات لن تنفعه فيما فات ولا فيما هو آت، بعدما قارع العارفين بالقانون وامتشق سيف "الجهل"، ظنا أن به سيحقق لنفسه مهربا حتى لا يسري عليه.
والأكيد أن "حميد المهداوي" أخطأ بجهله للقانون، وحسبه في خطئه أنه يدري ما يفعل ولو الحال غير ذلك، والقانون لن يعذره بشأن جهله به، كما هي القاعدة الفقهية، لكن أن يلجأ إلى الـ"شو" كعادته وأن ينصب نفسه، ممثلا عن كل الـ"يوتيوبرز" وبأنه ضحية للتغول، وبأنه لم يخطيء في تكييف فصول المتابعة، لهو الجنون بعينه "جنون العظمة"، الذي يعمي القلوب والأبصار معا.
لقد ارتضى "حميد المهداوي"، لنفسه أن يكون "حلايقيا"، وأن يقارع القانون بالجهل، وأن يهذي عبر قناته ويهرف فيها بما لا يعرف، ويقصف بجهالته الناس من أمامهم وخلفهم وعن أيمانهم وشمائلهم، ظنا منه أن ذلك هيّن، إلى أن دارت عليه رحى القانون الذي يحمي المغفلين ولكنه لا يعذر أحدا بجهله لمقتضياته.