18 نونبر.. الدلالات السياسية لاستقلال المغرب ودوره الإقليمي

في تاريخ الأمم والشعوب محطات فارقة تشكل منعطفات نحو الحرية والسيادة.
يوم 18 نونبر 1956 كان تاريخا فاصلا ف يمسار المغرب الحديث. أعلن فيه استقلال المملكة بعد نضال طويل ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني.
هذا الحدث لم يكن مجرد تحرير للأرض، بل كان تأسيسًا لدولة ذات هوية راسخة ورؤية مستقبلية تعزز مكانتها في محيطها العربي والإفريقي.
الدلالات السياسية لاستقلال المغرب
استقلال المغرب جاء كتتويج لنضالات سياسية وعسكرية، حيث لعب السلطان محمد الخامس، الذي وصفه المغاربة بـ"أب الأمة"، دورًا حاسمًا في هذا الإنجاز.
وفي خطابه التاريخي بمناسبة الاستقلال، قال: "لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وهو بناء الدولة المغربية الحديثة".
هذه الكلمات ليست فقط تعبيرًا عن الانتقال من مرحلة التحرر إلى البناء، بل كانت إعلانًا عن رؤية سياسية عميقة تتمثل في ضرورة تعزيز مؤسسات الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والعمل على توحيد الصفوف لضمان استقرار المملكة.
استقلال المغرب حمل معه دلالات سياسية كبرى على الصعيد الداخلي والخارجي. على الصعيد الداخلي، كان الاستقلال انطلاقة لترسيخ الوحدة الوطنية، إذ عمل المغرب على استعادة أراضيه، بدءًا من منطقة طنجة الدولية إلى استكمال الوحدة الترابية في الصحراء المغربية.
أما على الصعيد الخارجي، فقد أثبت المغرب استقلالية قراره السياسي، معلنًا عن سيادة وطنية تامة ومستقلة.
قيادة التحرر والتنمية
كان استقلال المغرب من أوائل حالات التحرر في القارة الإفريقية، مما جعله قدوة لحركات التحرر الوطني في إفريقيا جنوب الصحراء.
واستضافت المملكة مؤتمر الدار البيضاء عام 1961، الذي جمع زعماء حركات التحرر الإفريقية، وكان له دور محوري في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليًا). كما أطلق الملك الحسن الثاني رؤية الشراكة جنوب-جنوب، التي ساهمت في تعزيز التعاون مع دول القارة.
التوازن والدعم
على المستوى العربي، كان للمغرب دورًا رياديًا في تعزيز التضامن العربي. فقد كان من المؤسسين لجامعة الدول العربية، وساهم في القضايا العربية الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
لم تكن مشاركة المغرب العسكرية في حرب أكتوبر 1973 سوى تأكيد على التزامه القومي.
دلالات أقوال الملوك
عكست أقوال الملوك دلالات واضحة تعكس الرؤية المتبصرة لمغرب اليوم والغد، وفي ذلك قال محمد الخامس على استقلال المغرب "عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر". وهو ما يعكس الإيمان العميق بأن بناء الدولة لا يقل أهمية عن تحرير الأرض.
بدوره قال الملك الحسن الثاني في هذا الباب إن "المغرب شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها تمتد إلى أوروبا". ما يلخص أن التوجه المغربي نحو لعب دور محوري يجمع بين انتماءاته الجغرافية والثقافية.
أما الملك محمد السادس فقد أكد في أحد خطاباته أن "المغرب سيظل حريصًا على مواصلة دوره كفاعل نشط ومؤثر في محيطه الإفريقي والعربي".