حملة تحرير الأرصفة.. إعادة الجمال للشوارع المغربية أم ضربة قاسية للمهنيين

الكاتب : انس شريد

11 ديسمبر 2024 - 09:30
الخط :

في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المدن الكبرى بالمغرب، أطلقت السلطات المحلية حملة واسعة لمحاربة احتلال الملك العمومي وظاهرة وضع اليافطات والإعلانات التجارية دون تراخيص.

الحملة، التي تستهدف إعادة النظام والجمالية للفضاءات العامة، امتدت إلى مختلف المقاطعات، وشهدت مدينة الدار البيضاء نشاطًا مكثفًا، باعتبارها العاصمة الاقتصادية التي تعاني بشكل كبير من هذه الظواهر السلبية.

وجاءت التحركات الأخيرة بتوجيه صارم من والي جهة الدار البيضاء-سطات، محمد امهدية، الذي أعطى تعليماته بالشروع الفوري في إزالة كل التعديات على الملك العام.

واجهات المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم التي تجاوزت حدودها المسموح بها كانت في صلب الحملة، حيث تم استقدام فرق مختصة مدعومة بجرافات لإزالة هذه التعديات.

ورغم أن الخطوة بدت حاسمة ومباشرة، إلا أنها أثارت نقاشًا واسعًا بين مؤيد ومعارض.

المواطنون، الذين طالما اشتكوا من الفوضى واستغلال الرصيف على حساب الراجلين، رحبوا بهذه الإجراءات، معتبرين إياها خطوة نحو استعادة جمالية المدينة وتحقيق العدالة بين مختلف الفئات.

وبات الملك العمومي الذي تم السطو عليه لعقود من قبل بعض المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم وغيرها، اليوم محط اهتمام كبير من قبل السلطات.

واعتبرت العديد من الفعاليات المدنية أن هذه الحملات ستعيد الاعتبار للمساحات العامة وتساهم في تحسين جودة الحياة داخل المدينة، مطالبين بالمزيد من الصرامة لضمان استدامة هذه الجهود.

غير أن هذه الحملة لم تمر دون انتقادات، فقد الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، عن استيائها مما وصفته بـ"الطريقة المزاجية" التي تتم بها هذه العمليات.

في مراسلة وجهتها إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، دعت الجامعة إلى ضرورة التشاور المسبق مع المهنيين قبل اتخاذ أي إجراءات تنظيمية.

كما أشارت إلى أن هذه الحملات، رغم أنها تحمل شعار "تحرير الملك العام"، إلا أنها في نظرهم تُنفذ بطريقة تعكس نهجًا قاسيًا وغير منصف.

وأثارت الجامعة أيضًا قضية غياب التشاور بشأن توحيد واجهات المحلات التجارية، مشيرة إلى أن القرارات تُتخذ بطريقة فوقية دون مراعاة التكاليف أو المعايير المناخية والجغرافية المتباينة بين المناطق.

ولفتت الانتباه إلى المشاكل المالية والقانونية التي يواجهها المهنيون، بما في ذلك فرض رسوم على استغلال الملك العام دون منحهم تراخيص رسمية، ما يجعلهم عرضة لقرارات مفاجئة قد تضر بمصالحهم.

ومن بين النقاط المثيرة التي طرحتها الجامعة، كانت الإشارة إلى قرارات مشابهة اتخذت خلال أزمة كوفيد-19، حيث لم يتم إصدار مذكرات واضحة بشأن الإغلاقات أو تنظيم العمل، مما تسبب في فوضى وإغلاق العديد من المحلات، وهو ما تخشى أن يتكرر في السياق الحالي.

وحذرت الجامعة من أن استمرار النهج ذاته قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مطالبة بتأسيس إطار قانوني وتنظيمي يحدد بوضوح شروط استغلال الملك العمومي.

ورغم هذا الجدل، تبقى الحملة مؤشرًا على رغبة حقيقية في إحداث تغيير جذري في طريقة إدارة الفضاء العام.

ويكمن التحدي الأكبر الآن يكمن في إيجاد توازن دقيق بين الحفاظ على النظام العام ودعم الاقتصاد المحلي.

تحقيق هذا التوازن يتطلب حوارًا بناءً بين السلطات والمهنيين، مع وضع سياسات تضمن احترام القانون دون الإضرار بمصالح الفئات المعنية.

الحملة الجارية ليست مجرد عملية لتحرير الملك العمومي، بل هي اختبار لرؤية الجهات المنتخبة في تحقيق التغيير الذي يلامس حياة المواطنين اليومية.

فهل ستتمكن من تجاوز العقبات وإرساء نموذج حضري جديد يحترم الجمالية والقانون؟ أم أن الجدل الحالي سيؤدي إلى مزيد من الانقسام والتوتر؟ الإجابة ستتضح مع مرور الوقت، في ظل الدعوات المتزايدة للحوار والتشاور بين جميع الأطراف.

آخر الأخبار