وزارة الصحة في مرمى الانتقادات بعد كارثة مستشفى مولاي يوسف بالرباط

في حادثة مأساوية هزّت أرجاء العاصمة المغربية الرباط، شهد قسم الإنعاش بمستشفى مولاي يوسف وفاة أربعة مرضى دفعة واحدة بعد انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي.
الواقعة التي جرت ليلة 10 دجنبر 2024 فجّرت موجة من الغضب والقلق في صفوف المواطنين وأثارت تساؤلات واسعة حول جاهزية المنظومة الصحية في المغرب للتعامل مع الأزمات الطارئة، خصوصًا في أقسام الإنعاش حيث تتوقف حياة المرضى على كفاءة الأجهزة الطبية واستمراريتها.
تفاصيل الحادث، التي ظلت غامضة في الساعات الأولى، سرعان ما تحولت إلى قضية رأي عام وسط مطالبات بمحاسبة المسؤولين واتخاذ إجراءات عاجلة لمنع تكرار الكارثة.
ووفقًا للتقارير، فإن انقطاع الكهرباء المفاجئ أدى إلى تعطل أجهزة التنفس الاصطناعي التي كانت تدعم حياة المرضى، ما تسبب في اختناقهم ووفاتهم على الفور.
وبرغم أن المستشفيات مجهزة عادة بمولدات كهربائية احتياطية لضمان استمرارية الخدمة في مثل هذه الحالات، إلا أن غياب تدابير الطوارئ الأساسية كشف عن خلل كبير في إدارة الأزمات داخل مستشفى مولاي يوسف.
وبدلًا من إصدار توضيح فوري، فضلت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية التزام الصمت، تاركة المجال للشائعات والغضب الشعبي ليتصاعد بشكل غير مسبوق.
الواقعة لم تمر دون ردود فعل سياسية قوية، حيث سارع الفريق الاشتراكي في مجلس النواب إلى تقديم سؤال كتابي عاجل لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، مطالبًا بالكشف عن تفاصيل الحادث والإجراءات التي ستتخذها الوزارة لمنع تكرار هذه المأساة.
كما طالب النائب البرلماني الحسن الشكر، بالكشف عن الأسباب التي أدت إلى هذا الحادث المؤلم.
هذا الحادث الذي اعتبرته المعارضة البرلمانية ليس مجرد خطأ تقني بل هو مؤشر خطير على هشاشة النظام الصحي وضرورة مساءلة المسؤولين عن الإهمال الواضح.
على الجانب الآخر، دخلت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد على خط الأزمة، منددة بما وصفته بـ"الإهمال الجسيم" الذي أدى إلى وفاة أربعة أشخاص كانوا بحاجة ماسة إلى الرعاية.
في بيان شديد اللهجة، أكدت المنظمة أن هذه الحادثة تمثل خرقًا صارخًا للحق في الحياة، مطالبة بفتح تحقيق عاجل وشفاف لتحديد الأسباب والمسؤوليات.
وطالبت المنظمة بـ"محاسبة جميع المتورطين في هذا الحادث الأليم، واتخاذ إجراءات فورية لضمان سلامة المرضى في كافة المؤسسات الصحية".
كما دعت أصوات حقوقية باتخاذ خطوات فورية لضمان تجهيز كافة المستشفيات المغربية بأنظمة طوارئ فعالة، تشمل مولدات كهربائية احتياطية وبرامج تدريب للعاملين في القطاع الصحي للتعامل مع أزمات مماثلة.
في الوقت الذي كانت فيه أصوات تتعالى للمطالبة بمحاسبة المسؤولين، برزت تساؤلات جوهرية حول واقع البنية التحتية الصحية في المغرب ومدى استعدادها لتلبية حاجات المواطنين في الحالات الحرجة.
بينما تسعى الحكومة لطمأنة المواطنين بشأن الجهود المبذولة لتطوير القطاع الصحي، جاء هذا الحادث ليكشف عن ثغرات عميقة، تبدأ من نقص المعدات الاحتياطية ولا تنتهي عند غياب خطط الطوارئ الفعالة.
وأضحت أقسام الإنعاش، التي يفترض أن تكون الأكثر أمانًا، نقطة ضعف تُهدد حياة المرضى بدلًا من إنقاذها، ما يطرح تحديات حقيقية أمام صناع القرار.
ولم تقتصر التداعيات على الجانب الإنساني فقط، بل تحولت إلى قضية سياسية بامتياز.
المعارضة، التي استغلت الحدث لتسليط الضوء على ما تصفه بفشل السياسات الصحية، طالبت بتحقيق برلماني شامل، في وقت بدأ فيه المواطنون يفقدون ثقتهم تدريجيًا في قدرة الحكومة على ضمان الحد الأدنى من معايير السلامة الصحية.
ومع استمرار الصمت الرسمي، تصاعدت الانتقادات لتشمل ليس فقط وزارة الصحة بل كل الهيئات المعنية بتدبير المرافق الحيوية التي تمس حياة المواطنين.
في ظل هذا التصعيد، يرى مراقبون أن الحادثة تشكل فرصة لإجراء إصلاحات جذرية في النظام الصحي المغربي، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية واستثمارًا حقيقيًا في تطوير البنية التحتية الصحية. ضمان تجهيز المستشفيات بمولدات كهربائية احتياطية وصيانة دورية للأجهزة الطبية بات أمرًا لا يحتمل التأجيل.
كما أن تدريب العاملين على الاستجابة السريعة للأزمات يعد خطوة أساسية للحفاظ على أرواح المرضى في المستقبل.