تفاصيل الإحصاء.. أرقام مخيفة ترفع الضغط على صناع القرار العمومي

كشفت المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها حول الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 عن فجوة رقمية عميقة في استعمال الإنترنت والوصول إلى الوسائل الرقمية بين مختلف الفئات الاجتماعية والتعليمية بالمغرب.
وأظهرت البيانات أن هذه الفجوة تتأثر بشكل ملحوظ بمستوى التعليم، والجنس، ووطبيعة الوسط الذي يعيش فيه الأفراد، مما يُبرز تحديات مهمة في مسار تعزيز الشمول الرقمي.
الأكثر والأقل استخدامًا للإنترنت
وأظهرت الأرقام أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة يمثلون الفئة الأكثر استخدامًا للإنترنت بنسبة تصل إلى 76.9%.
وفي المقابل، يعاني الأشخاص الذين ليس لديهم أي مستوى دراسي من ضعف كبير في الوصول إلى الوسائل الرقمية، حيث يمتلك 69% منهم فقط هواتف شخصية، ولا تتجاوز نسبة توفرهم على الحواسيب أو الأجهزة اللوحية 0.3%، بينما لا تتعدى نسبة استخدام الإنترنت لديهم 22.2%.
على النقيض من ذلك، يتمتع الأشخاص ذوو التعليم العالي بأعلى معدلات الوصول إلى الوسائل الرقمية، حيث يمتلك 98.6% منهم هواتف شخصية، و43% يمتلكون حواسيب أو لوحات إلكترونية، مع نسبة استخدام للإنترنت تصل إلى 95.5%.
التفاوت بين الحضر والريف والجنس
وبرزت تفاوتات واضحة بين سكان الوسط الحضري والوسط القروي.
وبينما بلغت نسبة استخدام الإنترنت 70.2% في المدن، لم تتجاوز هذه النسبة 40.4% في المناطق القروية. إضافة إلى ذلك، أظهرت البيانات أن الرجال يستخدمون الإنترنت بنسبة 64.4% مقارنة بـ55% للنساء، مما يعكس استمرار الفجوة بين الجنسين في الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية.
التفاوت الجهوي في استخدام الإنترنت
وأظهر الإحصاء كذلك تباينات جغرافية في معدلات استخدام الإنترنت بين جهات المغرب. وسجلت جهة الداخلة-وادي الذهب أعلى نسبة استخدام للإنترنت بنسبة 83.6%، في حين جاءت جهة درعة-تافيلالت في أسفل الترتيب بنسبة 51.5% فقط.
وتعكس هذه التباينات تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية على قدرة السكان على الوصول إلى التكنولوجيا.
الوضع اللغوي ومستوى التعليم
وكشفت النتائج أن اللغة الأمازيغية تُستخدم من قبل 25% من السكان، مع تباينات بين الوسط القروي (33.3%) والوسط الحضري (19.9%). أما الدارجة المغربية فهي اللغة الأكثر شيوعًا، حيث يتحدث بها 92% من السكان.
وبالنسبة للغات الأجنبية، بلغت نسبة القادرين على قراءة وكتابة اللغة الفرنسية 57.7%، بينما وصلت نسبة معرفة اللغة الإنجليزية إلى 20.5%.
وفي المقابل، بقيت نسبة معرفة الكتابة والقراءة باللغة الأمازيغية منخفضة جدًا عند 1.5%.
التحولات الديموغرافية والنمو السكاني
وشهد المغرب تغييرات ديموغرافية مهمة، حيث انخفض معدل الخصوبة الكلي إلى 1.97 طفل لكل امرأة، وهو أقل من عتبة تعويض الأجيال المقدرة بـ2.1 طفل لكل امرأة.
وسجلت نسبة الأطفال دون 15 سنة انخفاضًا إلى 26.5%، بينما تسارعت شيخوخة السكان لتبلغ نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة حوالي 14%.
كما انخفض متوسط حجم الأسر من 4.6 فرد في 2014 إلى 3.9 فرد في 2024، وارتفعت نسبة الأسر التي ترأسها نساء من 16.2% إلى 19.2%.
معدلات البطالة المرتفعة والتفاوت الجغرافي
وبلغت نسبة البطالة على الصعيد الوطني 21.3%، مع تسجيل أعلى معدلات في جهة كلميم-واد نون بنسبة 31.5%، وأدناها في جهة الداخلة-وادي الذهب بنسبة 10.6%.
وارتفعت نسبة البطالة بين الذكور إلى 20.1%، مقارنة بـ25.9% بين الإناث، مما يعكس تحديات سوق العمل واستمرار التفاوت بين الجنسين في فرص التوظيف.
السكن والخدمات الأساسية
وشهدت معطيات السكن تغييرات ملحوظة، حيث ارتفعت نسبة الأسر التي تسكن في مساكن من غرفة إلى غرفتين إلى 43% مقارنة بـ36% في 2014.
وأوضح التقرير أن 70% من الأسر تمتلك منازلها، مع تسجيل ارتفاع في نسبة المساكن المغربية العصرية في الوسط القروي من 25.9% إلى 37.6%.
وبالنسبة للخدمات الأساسية، وصلت نسبة الربط بالكهرباء إلى 97%، في حين بلغت نسبة الربط بشبكة المياه 83% في الوسط الحضري و55% في الوسط القروي.
جهود تحسين التعليم ومحاربة الأمية
وتراجعت نسبة الأمية إلى 24.8% مقارنة بـ32.2% في 2014. وسجل متوسط سنوات التمدرس تحسنًا ليبلغ 6.3 سنوات، مع استمرار التفاوت بين الوسط الحضري (7.9 سنوات) والوسط القروي (3.2 سنوات). ووفق نتائج الاحصاء التي قدمها شكيب بنموسى، ارتفعت نسبة الأطفال المتمدرسين بين 6 و11 سنة إلى 95.8%، مع تقدم ملحوظ في تمدرس الفتيات بالوسط القروي.
يذكر أن نتائج الاحصاء ستكون له ما بعده من قرارات وأولويات على مستوى الفعل العمومي وصناع القرار العمومي، لاسيما بعدما تأكدت العديد من المؤشرات السلبية التي تتطلب تحليلا اقتصاديا واجتماعيا بالأساس، من قبيل تراجع الخصوبة وارتفاع البطالة وارتفاع الشيخوخة مقابل تراجع نسبة فئة الشباب.