قبيل رمضان.. لفتيت يُحمل رؤساء الجماعات مسؤولية فوضى محيط المساجد

مع اقتراب شهر رمضان الفضيل، تتجدد النقاشات حول ظاهرة الاحتلال العشوائي للملك العمومي المحيط بالمساجد، خاصة في الأحياء الشعبية حيث تنتشر الباعة الجائلين الذين يحولون هذه الفضاءات إلى مراكز تجارية تعج بالحركة والصخب.
وبينما يرى البعض في هذا النشاط فرصة اقتصادية لعدد من الأسر ذات الدخل المحدود، يعتبره آخرون تعديًا صارخًا على قدسية المساجد وإخلالًا بالنظام العام، خاصة خلال أوقات الذروة في شهر رمضان، الذي يعرف إقبالًا كبيرًا على أداء الصلوات، خصوصًا صلاة التراويح.
في هذا السياق، حمّل وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، رؤساء الجماعات مسؤولية تأهيل محيط المساجد والتصدي لمظاهر الاحتلال العشوائي للملك العمومي.
وجاء ذلك في رده على سؤال كتابي وجهه البرلماني عبد المجيد بن كمرة حول «تأهيل جنبات المساجد»، حيث شدد الوزير على أن هذه المسؤولية تقع ضمن اختصاصات رؤساء المجالس الجماعية بموجب القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ونظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية.
وأوضح لفتيت أن رؤساء الجماعات مطالبون باتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على جمالية ونظافة هذه الفضاءات، مع ضمان سهولة تنقل المصلين دون عرقلة من الباعة أو انتشار السلع العشوائية.
وأضاف الوزير أن من بين صلاحيات رؤساء الجماعات إعداد قرارات تنظيمية تحدد الشروط اللازمة لاحتلال الملك العمومي بما يتماشى مع متطلبات الوقاية الصحية والنظافة العامة والحفاظ على السكينة العمومية وسلامة المرور.
كما يتوجب عليهم اتخاذ تدابير الشرطة الإدارية، حسب الجواب الكتابي، سواء عبر إصدار قرارات فردية بالإذن أو المنع أو حتى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين، لمنع تفاقم هذه الظاهرة التي تشكل تحديًا حقيقيًا في المدن الكبرى.
ولم يقتصر حديث لفتيت على دور رؤساء الجماعات فحسب، بل أكد أيضًا على أهمية التنسيق مع السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على النظام العام وضمان احترام القوانين المنظمة لاستغلال الملك العمومي.
وأشار إلى أن تدخل هذه الجهات يصبح ضروريًا عندما يتعلق الأمر بتطبيق القانون بشكل صارم على المخالفين الذين لا يلتزمون بالقرارات التنظيمية أو يتعمدون استغلال الفضاءات العمومية بطريقة عشوائية تعيق الحركة وتضر بالبيئة الحضرية.
وفي معرض رده على سؤال آخر من الفريق الحركي بمجلس النواب، شدد الوزير على أن رؤساء المجالس الجماعية يمتلكون صلاحيات واسعة لاتخاذ قرارات فردية تتعلق بالمخالفين، بما في ذلك منح رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي دون إقامة بناء، ولكن مع ضرورة احترام الضوابط القانونية لضمان عدم تحوّل هذه الرخص إلى ذرائع لانتشار الفوضى.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التصريحات تأتي في وقت حساس تعرف فيه المدن المغربية حالة من الاستعداد لاستقبال شهر رمضان، حيث تزداد الحاجة لتوفير أجواء روحانية ملائمة تُمكن المصلين من أداء عباداتهم في ظروف مريحة وآمنة.
ورغم أن هذا الموضوع يحمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية مرتبطة بظروف الفئات الهشة، إلا أن التحدي يكمن في إيجاد توازن بين الحفاظ على النظام العام واحترام احتياجات هذه الفئات.
وفي ظل هذا الوضع، ينتظر الشارع المغربي خطوات عملية ملموسة تعكس جدية السلطات في معالجة الظاهرة، خاصة أن الأمر يتعلق بمساحات دينية تحمل رمزية خاصة لدى المواطنين، والذين يأملون أن يجدوا مساجدهم نظيفة وآمنة خلال الشهر الفضيل، بعيدًا عن الفوضى التي تطبع بعض الفضاءات المحيطة بها.