الجفاف يخيف المغاربة.. هل تفقد الحكومة السيطرة على الأسعار؟

اشتكى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، من صعوبة تدبير الثروة الفلاحية في ظل الجفاف الذي يعاني منه المغرب.
ولم يتوقف الجفاف عن كل المناطق الجافة من التراب المغربي، بل طال الأمر حتى الدوائر السقوية، التي تعد المحرك الأساسي للاقتصاد الفلاحي ومصدرًا رئيسيًا لفرص الشغل في العالم القروي، وأضحت هذه المناطق تعاني من وضعية مائية حرجة.
وأكد البواري، في أعقاب اجتماع المجلس الحكومي الاسبوعي الخميس، أن ندرة الموارد المائية أثرت على الإنتاج الفلاحي، مما يثير مخاوف من انخفاض المحاصيل الزراعية وارتفاع الأسعار، وهو ما قد ينعكس سلبًا على الفلاحين والمستهلكين على حد سواء.
وتحاول وزارة الفلاحة إيجاد حلول لضمان استمرارية الإنتاج، مع الحفاظ على أسعار معقولة للمواطنين، في الوقت الذي يشتكي المغاربة منذ سنوات من الغلاء المتصاعد على كل المستويات المعيشية.
وتأتي هذا التصريح الصادر عن وزير الفلاحة على بعد أيام من حلول شهر رمضان الذي يعرف استهلاكا كبيرا للمنتوجات المختلفة.
ومن بين الإجراءات التي تسعى لها وزارة الفلاحة تحسين إدارة الموارد المائية، ودعم الفلاحين لمواجهة تداعيات الجفاف، إلى جانب تعزيز الإنتاج في القطاعات الزراعية الأكثر تأثراً. كما تسعى الحكومة إلى تفادي أي تقلبات حادة في الأسواق قد تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
أسماك رمضان
وفي سياق متصل، كانت زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، تعهدت بأن تنخفض أسعار الأسماك ابتداء من يوم غد السبت 15 فبراير، وهي الفترة التي تنتهي فيها الراحة البيولوجسية للأسماك.
وأكدت الدريوش أن الحكومة تسعى إلى ضمان توفر الأسماك بأسعار معقولة خلال شهر رمضان، حيث يرتفع الطلب بشكل ملحوظ على هذه المادة الغذائية الأساسية.
تطور الغلاء
ويشهد المغرب في السنوات الأخيرة موجة غلاء متصاعدة مست مختلف المواد الأساسية، من الأغذية إلى الطاقة، مما أثقل كاهل المواطنين، خاصة الفئات المتوسطة والهشة. وبينما تعزو الحكومة هذه الزيادات إلى عوامل خارجية، مثل تداعيات الأزمات العالمية والتغيرات المناخية، يرى المواطنون والعديد من الخبراء أن العوامل الداخلية، بما فيها ضعف الرقابة على الأسواق والمضاربات، تلعب دورًا كبيرًا في تفاقم الوضع.
تبريرات الحكومة
وتؤكد الحكومة أن ارتفاع الأسعار مرتبط بعوامل اقتصادية عالمية، منها تداعيات جائحة كورونا، التي أثرت على سلاسل التوريد والإنتاج، ثم الأزمة الأوكرانية التي رفعت أسعار الطاقة والحبوب في الأسواق الدولية. بالإضافة إلى ذلك، أدى الجفاف الذي ضرب البلاد إلى تقليص الإنتاج الفلاحي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، خاصة الخضر والفواكه.
كما تؤكد الحكومة أنها تبذل جهودًا للتخفيف من وطأة الغلاء عبر دعم بعض المواد الأساسية كالغاز والدقيق والسكر، إلى جانب إجراءات لدعم الفلاحين وتعزيز المخزون الغذائي الاستراتيجي.
الواقع المعيشي
ورغم تبريرات الحكومة، يواجه المواطنون صعوبات متزايدة في تغطية نفقاتهم اليومية، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل ملحوظ، مثل اللحوم والزيوت والخضر، مما أثر على القدرة الشرائية للأسر. وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن الأجور لم تواكب هذا الارتفاع، مما زاد من نسبة الفقر والهشاشة الاجتماعية.
ويشكو العديد من المغاربة من غياب رقابة صارمة على الأسواق، ما يسمح لبعض الوسطاء والمضاربين برفع الأسعار بشكل غير مبرر. كما أن بعض الإصلاحات الاقتصادية، مثل رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية، ساهمت في زيادة الأعباء المالية على المواطنين دون توفير بدائل فعالة لحمايتهم من تقلبات الأسعار.