يعيش الكثير منا حياة مليئة بجداول مزدحمة، وقوائم مهام لا تنتهي أبداً. نتحرك خلال أيامنا بشكل سريع، وننتقل من مسؤولية إلى أخرى، غالباً دون توقف طويل بما يكفي لالتقاط أنفاسنا.
من السهل أن ننشغل بالحياة ولا نترك سوى القليل من الوقت «للوجود». ومع ذلك، فإن الواقع هو أننا بحاجة إلى هذه الاستراحات: نحتاج إلى الراحة والتعافي والسماح لأنفسنا بأن نكون غير منتجين دون الشعور بالذنب.
الضغط الدائم
كم مرة أجبت عن السؤال: «ماذا فعلت في عطلة نهاية الأسبوع؟» بـ«لا شيء»، فقط لتشعر بوخز الذنب لأخذ الوقت للراحة؟
في ثقافة اليوم التي يقودها الصخب، أصبح الانشغال والإرهاق من علامات التميز. هناك هذا الضغط المستمر للقيام بالمزيد، والتفوق مهما كان الثمن.
يحتفل الناس بالوتيرة السريعة للحياة ويفخرون بالإنتاجية المستمرة وتعدد المهام والإفراط في الإنجاز.
ونميل بشكل طبيعي إلى مواءمة أنفسنا مع وتيرة بيئتنا، وفي عالم اليوم سريع الخطى، يعني ذلك دفع أنفسنا إلى أقصى حد. في كتابها «لا تفعل شيئاً: كيف تنفصل عن الإفراط في العمل وقلة الحياة»،
وهذا الانشغال المستمر والضغط للقيام دائماً بشيء منتج ومفيد ظاهرياً أمران مرهقان ويأتيان بتكلفة. يربط العديد من المهنيين ذوي الأداء العالي قيمتهم الذاتية بإنتاجيتهم.
لكن الحقيقة هي أنه حتى في خضم طموحاتنا ومسؤولياتنا، نحتاج إلى لحظات من الهدوء وعدم الإنتاجية لنتمكن من دعم أنفسنا.
لماذا يصعب علينا أن نسمح لأنفسنا بعدم القيام بأي شيء؟
عندما نعتاد على العمل بمستويات عالية من الإنتاجية، فإن التباطؤ قد يكون غير مريح وحتى غير بديهي.
وهذا يخلق حلقة مفرغة من الإنتاجية، تغذيها جرعات الدوبامين من التحقق من العناصر الموجودة في قوائم المهام لدينا وتحقيق الأهداف. يُنظر إلى الراحة وإعطاء الوقت للأشياء «غير منتجة» وكأنها تدليل أو رفاهية بدلاً من الضروريات.
يتم تعزيز هذه الحلقة من خلال الرسائل المجتمعية التي تساوي بين الراحة والكسل وتشير إلى أنه إذا لم نتحرك قدماً نحو أهدافنا في جميع الأوقات، فإننا نتخلف بالفعل. حتى عندما تشير عقولنا وأجسادنا إلى الحاجة إلى التباطؤ، فإننا نتناول فنجاناً آخر من القهوة ونمضي قدماً، بحسب التقرير.
لماذا يُعد عدم القيام بأي شيء أمراً مهماً؟
كما يخصص الرياضيون وقتاً للتعافي في جداولهم لتقديم أفضل أداء لهم، يحتاج المحترفون الذين يتمتعون بأداء عالٍ إلى وقت للراحة والتعافي أيضاً. وعدم القيام بأي شيء ليس في الواقع لا شيء - إنه يمنحك المساحة اللازمة للعناية بصحتك العقلية والعاطفية والجسدية.
عندما نتوقف، فإننا نمنح أنفسنا الفرصة لـ:
إعادة ضبط أنفسنا وإعادة تنشيطها: يمكن للحظات غير الممتلئة أن تهدئ أنظمتنا العصبية المرهقة.
معالجة المشاعر: يوفر الهدوء مساحة للمعالجة العاطفية والتأمل.
تعزيز الإبداع: تسمح فترات الراحة والتوقف للعقل بالتجول - تظهر أفكار جديدة، ونجد حلولاً لمشاكلنا، ويتدفق الإلهام.
تحسين التركيز والحضور: يؤدي أخذ الوقت للراحة إلى زيادة الإنتاجية والانتباه عند العودة إلى مهامنا.
من خلال إعطاء الأولوية لاحتياجاتنا الخاصة وللراحة، نشعر بمزيد من التوازن، ومزيد من الطاقة، مما ينعكس إيجابياً علينا وعلى الأشخاص الذين يعتمدون علينا.