18 مضاربا يتحكمون في أسعار اللحوم.. هل فقدت الحكومة السيطرة على السوق؟

الكاتب : انس شريد

25 فبراير 2025 - 08:30
الخط :

تشهد الأسواق المغربية موجة غير مسبوقة من ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، مما أثار استياء المواطنين الذين يواجهون أعباء معيشية متزايدة.

ورغم المحاولات الحكومية للتدخل واحتواء الأزمة، إلا أن الأسعار لا تزال في تصاعد مستمر، ما يجعل اللحوم سلعة شبه مستحيلة بالنسبة للكثير من الأسر.

في خطوة استهدفت تهدئة السوق، لجأت الحكومة إلى استيراد اللحوم من دول مثل إسبانيا والبرازيل، لكن هذه الخطوة لم تحقق النتائج المرجوة.

عوض أن تنخفض الأسعار، بقيت مرتفعة بشكل غير مبرر، ما زاد من تساؤلات المواطنين حول جدوى هذه التدخلات.

ورغم إعفاء اللحوم المستوردة من الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة، إلا أن الفارق السعري لم يكن ملموسًا، حيث بلغ سعر الكيلوغرام المستورد 70 درهمًا، وهو رقم لا يختلف كثيرًا عن الأسعار المحلية التي تتراوح بين 80 و90 درهمًا في أسواق الجملة، بينما تصل إلى 130 درهمًا في بعض المدن الكبرى.

أسباب هذه الأزمة تعود إلى مجموعة من العوامل المتراكمة، أبرزها الجفاف المتواصل الذي أثر على الإنتاج المحلي، وارتفاع أسعار الأعلاف والمحروقات، إضافة إلى ما وصفه وزير الصناعة والتجارة رياض مزور بـ"الاحتكار والمضاربة".

وفي حديثه عن الأزمة خلال استضافته في برنامج "Le Debrief" على قناة ميدي 1، صرّح رياض مزور قائلًا:"هناك نحو 18 مضاربًا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء، وقد قاموا برفع هوامش الربح بشكل غير مسبوق.

مضيفا، أنه رغم الحكومة فتحت باب الاستيراد وألغت الرسوم الجمركية، لكن المضاربين استغلوا الوضع لصالحهم بدلًا من تخفيف الضغط عن المواطنين.

وأوضح الوزير أن الحكومة قامت بعدة إجراءات لضبط السوق، من بينها استيراد 200 ألف رأس من الأغنام، وإلغاء الرسوم الجمركية لحماية المستهلك.

 لكنه أكد أن تحقيقات الوزارة كشفت عن هوامش ربح مبالغ فيها، حيث أوضح: "كان من المفترض أن لا يتجاوز هامش الربح 10 دراهم للكيلوغرام، لكن المستوردين رفعوه إلى ما بين 20 و25 درهمًا، فيما تتراوح هوامش ربح الجزارين التقليديين بين 8 و10 دراهم.

مبرزا أن النتيجة هي أن إجمالي هامش الربح في القطاع بلغ 40 درهمًا، مقارنة بـ 20 إلى 25 درهمًا في السابق."

وتابع مزور أن الحكومة فتحت باب الاستيراد أمام الجميع، لكن لم يتم استغلال هذه الفرصة بالشكل المطلوب، ما أثار تساؤلات حول استمرار احتكار السوق من قبل فئة محددة.

ومع اقتراب شهر رمضان، حيث يزداد الطلب على اللحوم بشكل ملحوظ، تتصاعد المخاوف من استمرار الأزمة، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام.

كما أن هذه الأزمة قد تمتد إلى موسم عيد الأضحى، مما قد يخلق تحديات إضافية أمام الأسر التي تعاني بالفعل من ضغوط مالية. بعض الأصوات بدأت تطرح فكرة إمكانية إلغاء الاحتفال بالعيد بسبب الأسعار المرتفعة، في سابقة لم يعهدها المغاربة من قبل.

ومع تسجيل ارتفاع في أسعار اللحوم بنسبة 30% خلال العامين الماضيين، حيث قفز سعر لحوم الأغنام من 105 إلى 130 درهمًا، ولحوم الأبقار من 104 إلى 118 درهمًا، حسب وزير الصناعة، يبدو أن الأزمة مرشحة للاستمرار في ظل غياب حلول جذرية تعيد التوازن إلى السوق.

في المقابل، يترقب المغاربة ما ستسفر عنه الإجراءات الحكومية القادمة، وسط آمال في تدخل حقيقي يخفف من وطأة هذه الأزمة، ويضمن للمستهلكين أسعارًا أكثر عدالة في سوق أصبح رهينة للمضاربة والمصالح الضيقة.

آخر الأخبار