الحماية الاجتماعية.. معضلة التمويل وضغط الميزانية

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

27 فبراير 2025 - 07:00
الخط :

كشف تقرير حديث عن العقبات التي تواجه استدامة السياسات المتعلقة باستدامة الحماية الاجتماعية. وحذر التقرير من التداعيات المالية التي قد تنعكس سلبًا على قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، في ظل تزايد التزامات الدولة تجاه برامج الحماية الاجتماعية.

وأشار التقرير، الذي عممه المركز، إلى أن الاعتماد المفرط على الميزانية العامة لتمويل هذه المبادرات دون إيجاد موارد مالية بديلة يشكل "تحديا خطيرا".
وأوضح المصدر أن استمرار الضغط على الخزينة العامة قد يدفع السلطات إلى اتخاذ قرارات صعبة، مثل زيادة الضرائب أو تقليص حجم الدعم الاجتماعي، وهي إجراءات قد تؤدي إلى ردود فعل اجتماعية غير محمودة، خصوصا بين الفئات المستفيدة.

ولمواجهة هذا الوضع، شدد التقرير على ضرورة اعتماد حلول مبتكرة لضمان التمويل المستدام لهذه البرامج. وأشار إلى إمكانية إشراك القطاع الخاص بشكل أكبر، أو تحسين آليات جمع الاشتراكات الاجتماعية، أو حتى استحداث نماذج تمويلية جديدة تضمن استمرارية هذه السياسات دون الإضرار بالاستقرار المالي للدولة أو جودة الخدمات المقدمة.

وأبرز التقرير التكاليف المرتفعة المرتبطة بهذه البرامج. وأوضح أن الحكومة خصصت منذ انطلاق الدعم الاجتماعي المباشر نحو 18.54 مليار درهم، إضافة إلى 15.51 مليار درهم لدعم نظام التغطية الصحية الإلزامية، ليصل إجمالي الإنفاق إلى أكثر من 34 مليار درهم.
واعتبر التقرير أن هذا العبء المالي يأتي في سياق اقتصادي يتسم بتباطؤ النمو وتراجع العائدات الضريبية، مما قد يعرقل قدرة الدولة على الاستمرار في هذا المستوى من الإنفاق دون المساس بالتوازنات المالية العامة.

وفيما يتعلق بإشكالية التمويل، أوضح التقرير أن ضعف إقبال الفئات القادرة على المساهمة في نظام التغطية الصحية يمثل أحد العوامل الرئيسية وراء الاختلالات المالية. ولم يتجاوز عدد العمال غير الأجراء المنخرطين في النظام مليونًا و680 ألف شخص، أي حوالي 56% فقط من الفئات المستهدفة المقدرة بـ 3.5 مليون شخص. ولم تتعد نسبة التحصيل الفعلي للمساهمات من هذه الفئة 37 في المائة، مما يفاقم فجوة التمويل.

أما بالنسبة لدور الاقتصاد غير المهيكل في هذه الأزمة، فقد كشف التقرير أنه يمثل عائقا كبيرا أمام تعبئة الموارد المالية المطلوبة. ويشكل هذا القطاع حوالي 30% من الناتج الداخلي الخام. ويستوعب أكثر من 60% من القوى العاملة في المغرب، مما يجعله تحديًا حقيقيًا لإدماج العاملين فيه ضمن منظومة الحماية الاجتماعية.
ونظرا لغياب عقود العمل الرسمية والدخل الثابت لغالبية هؤلاء العمال، فإن إلزامهم بالاشتراكات الاجتماعية يظل مهمة شبه مستحيلة.

وأمام هذه المعطيات، دعا التقرير إلى نهج سياسات أكثر تكاملا تستهدف تحسين إدماج العاملين في الاقتصاد غير المهيكل، مع البحث عن مصادر تمويل بديلة ومستدامة تضمن استمرار برامج الحماية الاجتماعية دون التأثير سلبًا على استقرار المالية العامة.

 

آخر الأخبار