المغرب يفقد أحد رموزه السياسية.. محمد بنعيسى في ذمة الله

فقد المغرب اليوم أحد أبرز رموزه السياسية والدبلوماسية، بوفاة وزير الخارجية الأسبق محمد بنعيسى، عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد صراع مع المرض.
وشكّلت وفاة بنعيسى خسارة كبيرة للساحة السياسية، إذ كان من الشخصيات البارزة التي ساهمت في رسم ملامح الدبلوماسية المغربية على مدى عقود، إلى جانب دوره الكبير في تنمية مدينة أصيلة التي ارتبط اسمه بها ارتباطًا وثيقًا.
وتدهورت الحالة الصحية للراحل خلال الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى غيابه عن مهامه كرئيس للمجلس الجماعي لأصيلة، وهو المنصب الذي شغله لسنوات طويلة.
ومع تفاقم وضعه الصحي، نُقل يوم 23 فبراير 2025 إلى المستشفى العسكري بالرباط بتعليمات ملكية لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، إلا أن المرض كان أقوى منه، ليرحل تاركًا وراءه إرثًا سياسيًا ودبلوماسيًا غنيًا.
ووُلد محمد بنعيسى في 3 يناير 1937 بمدينة أصيلة، حيث بدأ مسيرته الأكاديمية بالحصول على الإجازة في علوم الاتصال من جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة عام 1961.
وفي عام 2007 حصل على دكتوراه فخرية في القانون من جامعة مينيسوتا، تقديرًا لإسهاماته في مجالات السياسة والثقافة والدبلوماسية.
كانت مسيرته السياسية غنية بالمحطات البارزة، حيث انتُخب مستشارًا في المجلس البلدي لأصيلة عام 1976، ثم نائبًا برلمانيًا عام 1977، قبل أن يصبح رئيسًا لبلدية المدينة عام 1983، وهو المنصب الذي ظل يشغله لعدة ولايات، حيث ساهم بشكل كبير في تحويل أصيلة إلى مدينة ثقافية بامتياز، من خلال مهرجانها الثقافي السنوي الذي استقطب مفكرين وفنانين من مختلف أنحاء العالم.
على الصعيد الحكومي، تولى بنعيسى منصب وزير الثقافة بين عامي 1985 و1992.
كما تولى حقيبة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون من 1999 إلى 2007، وهي الفترة التي شهدت تحولات كبيرة في السياسة الخارجية المغربية، لعب خلالها دورًا بارزًا في تعزيز حضور المغرب على الساحة الدولية.
إلى جانب مسيرته السياسية والدبلوماسية، كان محمد بنعيسى شخصية ثقافية بامتياز، حيث سعى إلى جعل الثقافة جسرًا للحوار بين الشعوب، عبر مبادرات عدة، من أبرزها مهرجان أصيلة الثقافي، الذي كان أحد مؤسسيه وساهم في جعله منصة عالمية للفكر والإبداع.
برحيل محمد بنعيسى، يفقد المغرب شخصية استثنائية طبعت المشهد السياسي والدبلوماسي والثقافي، وترك بصمة واضحة في كل مجال خاضه.
وستظل ذكراه حاضرة في أصيلة، التي أحبها وأعطاها الكثير، كما ستبقى مسيرته نموذجًا لرجل الدولة الذي جمع بين الدبلوماسية والثقافة والسياسة، فكان أحد أبرز وجوه المغرب الحديث.