أوزين: الحكومة أفلست السياسة.. والمغاربة يثقون في بائع السمك أكثر من وزرائهم

الكاتب : انس شريد

04 مارس 2025 - 10:30
الخط :

في ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، يوم الثلاثاء، تحت شعار "أحبك يا وطني"، ألقى محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، خطابًا مثيرًا للجدل، استعرض فيه بحدة المشهد السياسي المغربي وما آل إليه من ضعف وغياب للنقاش العمومي، موجهًا انتقادات لاذعة للحكومة والأغلبية البرلمانية، ومشيرًا إلى التحولات العميقة التي أفرزت واقعًا جديدًا يغلب عليه التكنوقراط، وسط غياب واضح للفاعلين السياسيين التقليديين.

ورسم أوزين صورة قاتمة للسياسة مساء اليوم الثلاثاء، معتبرًا أن الفاعل السياسي أصبح مجرد "كومبارس ينتشي بدور الأخرس الصامت"، مشيرًا إلى أن الوسائط التقليدية التي كانت تؤطر العمل السياسي شهدت انهيارًا غير مسبوق، لتصل إلى مرحلة "الموت السريري"، ما أدى إلى إفراغ المشهد السياسي من جوهره القائم على النقاش والتفاعل.

ويرجع أصل الحكاية – وفقًا له – إلى زلزال 8 شتنبر، وما خلفه من تداعيات عميقة، خاصة بعد الوعود الكبيرة التي أطلقتها الأحزاب خلال الحملات الانتخابية، ثم تنكرها لها بمجرد وصولها إلى السلطة، الأمر الذي أدى إلى أزمة ثقة حادة بين المواطنين والطبقة السياسية.

وأضاف الأمين العام لحزب الحركة الشعبية أن الحكومة الحالية أوصلت البلاد إلى مرحلة "الإفلاس السياسي"، نتيجة ما وصفه بالإفلاس الاجتماعي والمعيشي الذي يرزح تحته المواطنون.

كما انتقد بشدة الدور الذي يلعبه وزراء التكنوقراط على رأس القطاعات الحيوية، معتبرًا أنهم يتقنون لعبة الأرقام لكنهم يتجاهلون الرقم الأهم: الإنسان.

وفي نظره، فإن الأغلبية البرلمانية تحولت إلى مجرد "ماكينة عددية"، وظيفتها التصفيق للوزارات والمصادقة على القرارات، دون أن يكون لها أي دور حقيقي في الترافع عن القضايا الملحة للمجتمع، محذرًا من أن هذا الوضع جعل البرلمان "منصة للتهليل والتصفيق بدل أن يكون ساحة للنقاش والمسؤولية".

ويمضي أوزين في وصفه القاتم للمشهد، مشيرًا إلى أن "الصمت السياسي" الذي تعيشه البلاد اليوم يشبه "صمت القبور"، حيث غاب النقاش العمومي، وحل محله خطاب التبرير والتصفيق الأعمى، ما أدى إلى فقدان المواطن الثقة في المؤسسات.

وفي ظل هذا الوضع، برزت ظاهرة جديدة أطلق عليها "البناء العشوائي السياسي"، حيث انتقلت النقاشات إلى الفضاء الأزرق، ليصبح التجار والبائعون البسطاء أكثر تأثيرًا في الرأي العام من السياسيين الذين انتخبهم المواطنون.

وطرح أوزين سؤالًا لافتًا: لماذا أصبح بائع السمك والبيض واللحم أكثر مصداقية وتأثيرًا من المسؤولين؟، ليجيب بأن السبب يعود إلى كون هؤلاء يعبرون عن واقع الناس بصدق، ويطرحون مشاكلهم وحلولهم بوضوح، بينما يغرق السياسيون في التبرير والتجاهل.

وفي تصعيد لانتقاداته، سخر أوزين مما سماه "حكومة المونديال"، مشيرًا إلى أن الحكومة التي فازت بكل شيء في الانتخابات "وحلات البلاد فكلشي"، أي أنها وجدت نفسها عاجزة عن الوفاء بوعودها.

وأضاف بتهكم أن الحكومة التي تفخر بتنظيم كأس العالم لا تستطيع حتى توفير الأضاحي في القرى والجبال، في وقت لا يزال فيه ضحايا زلزال الحوز يعيشون في ظروف قاسية وسط الخيام، يصارعون البرد والإهمال.

كلمة محمد أوزين لم تكن مجرد انتقاد سياسي عابر، بل حملت في طياتها تحذيرًا من انهيار الثقة بين المواطن والدولة، ومن إفلاس سياسي قد تكون كلفته باهظة.

فهل ستلتقط الحكومة هذه الإشارات، أم أنها ستستمر في سياسة التجاهل والصمت، تاركة الساحة لخطاب الشارع الذي أصبح أكثر تعبيرًا عن واقع المغاربة من ممثليهم في المؤسسات؟

آخر الأخبار