غضب واستياء في الدار البيضاء.. تأخر الأجور يضع مستقبل 670 طفلا على المحك

الكاتب : انس شريد

05 مارس 2025 - 07:30
الخط :

وسط تصاعد الغضب الشعبي، يجد الأشخاص في وضعية إعاقة أنفسهم مرة أخرى في قلب أزمة اجتماعية بسبب التأخر في تنفيذ الالتزامات الحكومية تجاههم.

الجمعيات الناشطة في هذا المجال، وعلى رأسها جمعية آباء وأصدقاء الأطفال المعاقين ذهنياً بالدار البيضاء، لم تعد قادرة على التحمل، خاصة بعدما دخل الأطر التربوية التابعة لها في إضراب شامل بسبب عدم توصلهم بمستحقاتهم المالية لأكثر من ستة أشهر.

هذا الوضع لم يؤثر فقط على الأطر المتضررة، بل تسبب أيضاً في ارتباك كبير للأسر، حيث بات 670 طفلاً يعانون من حرمان قسري من التعليم والخدمات الصحية التي كانت توفرها لهم الجمعية.

في مشهد يعكس حجم الأزمة، خرج العشرات من الأطر التربوية في وقفة احتجاجية حاشدة بالدار البيضاء، مرفوقين بآباء وأمهات الأطفال المستفيدين من خدمات الجمعية، للمطالبة بصرف أجورهم المتأخرة.

المحتجون رفعوا شعارات قوية تندد بسياسة الصمت والتجاهل التي تنتهجها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مطالبين بتدخل عاجل لإنهاء معاناتهم.

وعلى الرغم من محاولات القوات الأمنية لاحتواء الاحتجاجات، إلا أن الأطر التربوية وأولياء الأمور أصروا على إيصال صوتهم، حتى لو استدعى الأمر تنظيم وقفات أخرى في العاصمة الرباط بمشاركة الأطفال المعاقين أنفسهم.

المتضررون يؤكدون أن هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تماطل مستمر من الجهات المسؤولة في صرف المستحقات المالية المخصصة لهذه الفئة. ومع اقتراب شهر رمضان، المعروف محلياً بفترة "العواشر"، تزداد الأوضاع تعقيداً، حيث تجد العديد من الأسر نفسها غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية في ظل الغلاء المتزايد.

الأطر التربوية، من جهتها، شددت على أنها لن تتراجع عن نضالها حتى تحقيق مطالبها المشروعة، محذرة من أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى انهيار المنظومة التعليمية الخاصة بالأطفال في وضعية إعاقة.

ورغم المطالب المتكررة، يبدو أن الحكومة ما زالت تتعامل مع هذا الملف بسياسة "الآذان الصماء"، حيس سبق أن وجه البرلماني عبد الحق أمغار، عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سؤالا كتابيا للحكومة حول استراتيجيتها لتدبير ملف دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، خاصة بعد إدماج هذه الخدمات ضمن منظومة الحماية الاجتماعية.

كما تساءل عن الخطوات التي ستتخذها الوزارة لضمان استمرارية تمويل هذه البرامج، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

المخاوف تتزايد يوماً بعد يوم من احتمال وقف الدعم الموجه لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، وهو ما قد يؤثر سلباً على مستقبل أكثر من 26 ألف طفل مستفيد عبر مختلف مناطق المملكة.

والجمعيات الحقوقية بدورها دقت ناقوس الخطر، مؤكدة أن أي تقليص في هذا الدعم سيمثل ضربة قاصمة لمبادئ الدولة الاجتماعية، التي تقتضي ضمان حقوق الفئات الهشة، وفي مقدمتها الأشخاص في وضعية إعاقة.

وباتت الأسر المتضررة، التي وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع هذه الأزمة، اليوم تتساءل عن مصير أبنائها، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل تمويل هذه البرامج.

ومع غياب أي بوادر للحل في الأفق، يزداد الاحتقان داخل الأوساط المعنية، وسط مطالب ملحة بتدخل ملكي لإنصاف هذه الفئة التي تعيش وضعاً استثنائياً لا يحتمل المزيد من الانتظار.

آخر الأخبار